لطالما حاولت أن أفهم ياصديقي بعض الأمور من حولنا والتي تجري على لسان وتصرفات أناس يعيشون في عالمنا يضحون بكل ما لديهم، وهم يمنحون الحب والحنان الغامر الذي لايمكن وصفه أو استيعاب معانيه ولا تحديد حدوده لأنه يقارب من المستحيل والمطلق في كل جوانبه التي تتسع الى ماوراء الأفق وتذهب به الى أعلى الدرجات بمقاييسه. والذي تتحكم به قيم العفة والنقاء والذي لاتدركه الا قلوب أخرى تماثلها بالعطاء وتعيش أحزانها وتشعر بما يشعر به أقرانها
ما كان ويكون من امرأة عاشت وتعيش آخر لحظاتها بمحبة لا توصف ومشاعر لا يمكن أن يستوعبها الا من امتلك قلبا لا يكل وحياة لا تمل وإرادة لا تفنى وعزيمة لا تهون.
كنت في كل هذا أحاول أن أصبر نفسي، وأمسك جوارحي خشية أن تبوح بما أشعر به فتتدفق من جنبات قلبي أوجاعي، فلا استطيع السيطرة على تصرفاتي.
أجاهد لأكتم مشاعري ولكنني أعجز عن كبحها وعيناها تخبرني أنها تتمنى لو يطول بها العمر لتقدم مالم تستطع تقديمه، يتدفق الدمع من عيني ويتحول الى نهر دم جارف ينزف بلا هواده وينهال بلا توقف.، وأنا أحتضنها واضعا رأسي على كتفها الضعيف ولسان حالي يقول لها أي ملاك أنت؟! وأي كيان بشري يمكن أن يشبهك وأي حكمة سماويه وراء قلبك؟! أ تفكرين بحاجات الناس وأنت علي فراش الموت، أتريدين ارضاء الحياة وقد انتزعت منك، أ تحبين أن يعيش غيرك وأنت تموتين .
قل لي بالله عليك، كيف يمكن لمكان أن يستوعب كل هذا الوجود ؟ وكيف يمكن أن يوصف كيانها إلا بوصفه الروحي الأبدي؟ الذي جعله الله يعيش فينا وفي أناس مثل هذه المرأه، حميدة الخلق، خفيفة الظل، مرهفة الأحساس، وارفة العطاء، كبيرة القلب.
أدرك ياصديقي أن في السماء عدل وأن في الخلق حكمة، وادرك أن روح الله فينا تحوطنا مادمنا فيها، فإذا تركناها، غابت عنا فلا نستطيع رؤيتها رغم وجودها، كالشمس تحجبها الغيوم، فتظل أرواحنا تقبع في ظلام أنفسنا، وترضى بأن تعيش بأجسادنا زاحفة على أرض حياتنا، وهي التي تستطيع أن تطير بجناحيها لتبلغ بها مراتب عزها وذروة ارتقائها.
أتدري لأن في الحياة خير لايمكن وصفه، وأن هنالك من عاشوا وماتوا لأجله، وأجل من أحبوا، ولكي لا نفرح بما آتانا فهو زائل لامحالة، ولا نحزن على مافاتنا فهو لم يكن يوما ملكا لنا، وأن نتذكر وإن ضاقت يوما سبلنا بأن هنالك إله عادل سوف لن يظلمنا.
محمد إدريس الذنون العراق
