حلاق هتلر

You are currently viewing حلاق هتلر
حلاق هتلر

الجزء الثاني

أخذ الزعيم النازي ريشة الرسم وشرع في مزج الألوان لتصبح على شكل لون حالم وديع ، وبخفة أنامل فنان مبدع تماهى في عالم الدعة والجمال ، والحلاق الهادىء يتمعن في دهشة ويردد في نفسه : -” هل هذا الذي أمامي هو الرجل الذي يرعب الكبار ، وهل تلك الأنامل التي ترسم البهاء هي نفسها التي تقطر دما ، دم الملايين من البشر في أنحاء شتى ، وهذه الموسيقى الصامتة التي تخترق سكون السرداب البارد هل تشفع للرايخ الجبار تجاهله لهدير الطائرات وطلقات المدافع وصولات الدبابات  ” ، كسرت شروده التفاتة الزعيم إليه مخاطبا بصوت رخيم : -” إني أومن بالجمال صديقي ، الرسم والموسيقى ، وقد كنت في قمة الانتشاء عندما غنيت في الكنيسة ، و أتفاءل بالرقم السابع الجالب للحظ والسعادة ، كما لا أخفيك إيماني بالشعوذة كثيرا وببرج النور وأرى يقينا أن بداخل العلامة النازية المعقوفة أسرارا سحرية ، وأعتقد أيضا وهذا من أسراري أن طريقة التحية التي ألقيها مادا يدي أفقيا تساعدني خرافيا في السيطرة على الآخرين ” ، طأطأ الحلاق رأسه مبتسما وعاد إلى حيرته الداخلية يردد :
-” الزعيم له فلسفة خاصة للجمال ، يعتبر كل الوسائل الموصلة إلى المجد مشروعة بل وجميلة كذلك ، بيد أني أرى الجمال في حق كل إنسان العيش على الأرض حتى يأذن الرب بالعودة ، هذا الزعيم الذي يفر من الظلام ولا ينام إلا في الثامنة صباحا مستيقظا في الثانية عشرة زوالا ، يستمع إلى الموسيقى حتى الفجر ، يخاف من المجهول ، يعشق زوجته حد الجنون ، هل بإمكانه في حالة تمكنه من امتلاك العالم أن يهدي لمعشوقته قارة مثلا ؟ لا ، لا ، إني أسر لك أيها الرب أني أكره هذا الزعيم الدموي ، ولو أنه الآن في هذه الليلة كطفل وديع ” ،
أودع أدولف اللوحة جانبا ، وضع حبة دواء في فمه أتبعها بجرعات مرتبكة من كأس ماء ، استرخى قليلا على كرسيه الخشبي ، استوى متأهبا بعدما وصلت دبدبات متقطعة من جهاز استقبال لاسلكي ، طرق السمع جيدا ، انفرجت أسارير وجهه ، مد يده أفقيا للتحية في الهواء وكأنه يحيي الجن ، وضع قبعته العسكرية فوق رأسه بعناية بالغة وخاطب الحلاق بصوت صارم :
-” أيها الرجل الطيب ، إذا انتصرت فليس عليك أن تفسر شيئا ، وإذا خسرت فيجب أن تختفي كي لا تحتاج إلى تفسير شيء ، لنشرب معا نخب النصر”

القاص جمال عتو المغرب

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً