حلاق هتلر

You are currently viewing حلاق هتلر
حلاق هتلر

الجزء الأول 


جلس الزعيم ببذلته العسكرية على أريكته الخشبية بعد منتصف الليل في غرفة بسرداب خافث الإنارة ، وقد غزت محياه علامات الرضى بعد تلقيه لنص مشفر عبر فاكس تقليدي من الاتحاد السوفياتي مفاده أن القوات النازية تدك الأراضي على أبواب موسكو ، قضم من شكولاطة موضوعة بعناية إلى جانب أدوية إضطرابات الهضم فنادى على حلاقه يأتيه ويقضي معه تلك الليلة الحالمة ، كانت للزعيم هتلر رغبة جامحة في البوح عن عواطف تختلج صدره بعد أن أمر جنيرالاته بشن عواصف على مشارف القلعة الحمراء ، حضر الحلاق ، كان رجلا خمسينيا ، أنيقا ، مرهف الحس ، يحتفظ بشارب كث طويل وملتوي من جانبيه ، يتأبط محفظته الجلدية ، نظر إليه هتلر مليا فبادره بالقول :
-” نعمت ليلا صديقي ، لم أطلبك لتحلق ذقني ، ولكن فعلت ذلك لمؤانستي في هذه الليلة الباردة بعدما أحببت أن أترك حبيبتي إيفا براون وحيدة تقرأ رواية رومانسية ، قل لي ماذا قال عني الممثل الكوميدي شارلي شابلن وهو يتقمص دوري في فيلم ” الدكتاتور العظيم ” ؟ قل ولا تتحفظ فإني أدرك أنك من عشاق الفن السابع ” ،
انحنى الحلاق إجلالا للزعيم وقد غمره الانتشاء ، حنحن وشبك أصابع يديه خلفه معقبا :
-” سيدي الرايخ العظيم لقد قال شابلن يتقمص شخصيتك تحت اسم هنيكل : أنا آسف ، لا أريد أن أكون إمبراطورا ، فهذه ليست وظيفتي ، لا أريد أن أحاول أو أخضع أي أحد ، أود مساعدة الجميع قدر المستطاع  ” ، ابتسم أدولف وخاطب الحلاق بعدما شغل أسطوانة لموسيقى صامتة :  – ” ولهذا السبب ذاته منعت شعبي من مشاهدة الفيلم ، لأنه ساخر ، لكن في عمقي أحب الشعب لأني ابن الشعب ، لقد بدأت مشواري العسكري عريفا ساعيا للبريد أنقل الرسائل بين الجنود بالخنادق في الحرب العالمية الأولى ولك أن تتصور ما درجة الخطر أن تكون حياتك في كف عفريث ، آنذاك تعلمت الاستخفاف بالحياة البشرية ومنحت ولائي الأبدي لشعب الألمان فالدولة التي ترفض أن يتلوث عرقها ستحكم العالم من دون شك كما جاء في كتابي ” كفاحي ” ، آتني بتلك اللوحة التي كنت بالأمس على وشك إتمام رسمها ، أخذها الحلاق الإنسان الرقيق ، تأمل فيها ، لم يخف إعجابه لموهبة القائد النازي الإبداعية،كانت باللوحة رجل جالس وحده على جسر عتيق من الطوب ورجلاه إلى الأسفل فوق نهر هادر،كانه مهدد بالسقوط في أية لحظة .

القاص جمال عتو المغرب

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً