حديث القصة

You are currently viewing حديث القصة
حديث القصة

نادتني القصة ليلا من بعيد ، وقد توشحت بياضا ، الليلة مقمرة ، وصخب النهار زف إلى حضن الليل متعبا واهنا ، لا أدري لماذا وقفت وقد اكتمل البدر جمالا واستواء ، بادرتني بصوت شجي رخيم ، بداية خلتها عمتي حين كانت ترتع شبابا ونضرة ، كانت فيما مضى تروي على مسامعي حكاياها من خيال ، قالت القصة وهي تمعن في النظر :
” أين أنت يارفيقي ؟ فعالمي مملوء بالأحداث والشخوص ، أينك ؟ وما يلهيك عني؟ “
بصرتها والحنين يشدني اليها شدا، فخاطبتها بشجن عميق  : ” ألهاني عنك قوم سكنوا مهجتي ، سأعود اليك قريبا وأكتبك عنهم ، فهم الفتيان و الفرسان وحراس الليل وحمالو البضائع والإسكافين والخرازين والشحادين والعاشقين والسالكين والمشاغبين والأطفال الرضع والعجزة اليائسين ، سأكتب عن الدم والبارود والغبار والورد والبحر والشجر ، سأكتب عن لحظات المخاض والعشق والحب والبعاد والوصال وعن الدمع  وقهقهات اليافع الغض والانكسار والرقص على لحظات الفشل  وعن الرحيل   “.
أومأت القصة برضا محتشم ، وكأني أخجلتها لكن لم تحد بنظراتها المثيرة عني ، كانت تهم بالانصراف وهي في ذلك ليست راغبة ، كفكفت دموعها فأدركت أنها بكت ، وقالت :
” لا تدعني منسية في رفوف الإهمال ولا في دروب النسيان ولا في مسالك التيهان ، فقد سماني خالقي في سورة يوسف بأحسن القصص ، يتعبد بي السالكون في دروب المعنى ، لقد طفا الصخب على يم الوصف ، فارفق بنا يارفيقي “
تلاشى طيفها في عتمات السواد ، لكن صار نورها الخافث يشق طريقا غامضا .
لوحت بيدي هامسا :
” يا معشوقتي مهلا فلن أخونك أبدا ، سأصقل اليوم اليراع مجددا ،  وغدا نلتقي ، وإن غدا لناظره قريب.

القاص جمال عتو المغرب

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً