كانت تنتمي لأسرة فقيرة معوزة، تكاد توفر لقمة العيش، كان الأب يعمل كناسا بالبلدية، أما الأم فكانت ربة بيت، تضطلع بأعمال أولادها الثلاثة، التي من بينهم فاطمة التي كانت تحلم بالثراء والغنى منذ نعومة أظافرها وخاصة وأنها كانت جميلة وتلفت الإنتباه لرشاقتها وجمالها وأناقتها، كانت الأسرة تقطن بحي صفيحي مهمش يفتقد إلى أبسط المرافق الضرورية، أما بنيته التحتية تكاد تكون منعدمة.
عند وفاة والد فاطمة قررت أن تعمل لإعالة والدتها وأخويها، عملت نادلة بمطعم صغير بالبلدة، وتكونت علاقة بينها وبين الطاهي و استمرت العلاقة سنتين وبعدها توجت بالزواج، أنجبت فاطمة من الطاهي طفلا جميلا، أخذ من ملامح والدته.غير أن هذه الزيجة فشلت بعد أن غادر الطاهي البلدة، لأنه عجز عن تلبية حاجيات أسرته الصغيرة، مما دفع بفاطمة إلى الهجرة إلى مدينة كبيرة بعيدة وراقية، بعد أن تركت ابنها في عهدة والدتها .
عملت بإحدى شركات الموضة كمنظفة، ولحسن حظها صادفت مدير الشركة الذي انبهر بجمالها، فسألها عن وظيفتها فأخبرته بأنها عاملة نظافة، وبدون تفكير عرض عليها أن تكون عارضة أزياء، فوافقت في الحين، وأثناء ممارستها لهذه المهنة، أعجب بها رواد الشركة والأثرياء ممن يتعاملون مع الشركة، وذاع صيتها،وجنت من وظيفتها الجديدة، الكثير من المال، كما تسلمت هدايا قيمة من معجبيها وخاصة منهم رجال الأعمال والأثرياء، وصادف أن رآها رجل عجوز من أغنى الأغنياء بالمدينة وكان يكبرها بخمسة وستين سنة، فكانت تخرج معه وكونت معه علاقة غير شرعية وبعدها طلبها للزواج فقبلت، وكان الجميع يعلم أنها تزوجته طمعا وجشعا في ثروته الكبيرة، لكنها كانت تقول لزميلاتها ولمحيطها، أنها أحبت فيه نغمة اصطدام عكازه بالأرض، وروحه المرحة ، وعطفه وحنانه ، وخاصة وأنها فقدت والدها باكرا ،غير أن أولاد العجوز الذي تجاوز التسعين، كرهوا زوجة أبيهم وحقدوا عليها، وخاصة وأنهم يعلمون أنها تزوجت بوالدهم طمعا في ماله وثروته، ووضعها الإجتماعي.
أما ابنها فلقد وفرت له كل سبل الحياة الباذخةو السعيدة، من فيلا وسيارة ومال، مما جعله يعانق المخدرات القوية ويدمن عليها حتى توفي بسبب جرعة زائدة. حزنت الأم على ابنها الوحيد، ذرفت الدموع الغزيرة لوفاته، لكن سرعان ما نسيته والتفتت لحياة الثراء والبدخ، كما أن زوجها كان يصرف الملايين من اجل إسعادها، وتدليلها.
وبعد أربعة عشر شهرا من زواجها، توفي زوجها بسكتة قلبية، وكانت تحلم أنه سيوصي لها بنصف ثروته كما سبق وأن أخبرها عند زواجهما، لكن عندما فتح المحامي وصية الزوج الهالك، علمت أنه أوصى بثروته كلها لأولاده، ولم يترك لها فلسا، تدمرت وبكت وأصابتها هسترية جنونية، ولما استفاقت ، وجدت نفسها بالمستشفى ،مكتث به أكثر من شهرين، وبعدما تعافت، قررت رفع دعوى قضائية ضد أبناء زوجها، واستمرت الدعوة سنين عديدة مما جعلها تصرف كل مذخراتها وتفقد وظيفتها، واستقرت بفندق، وفي أحد الأيام تناقلت الصحف والجرائد والأخبار، أن فاطمة قد وجدت ميتة في غرفتها بالفندق من جراء جرعة مخدرات قوية كآبنها، وهكذا لقت حتفها بسبب الطمع والجشع .
بقلم: ذ المصطفى صحابي العروسي