اليتيمة – الجزء (5) – في انتظار اللقاء الأول

You are currently viewing اليتيمة – الجزء (5) – في انتظار اللقاء الأول
اليتيمة سنوهويت

أطلَّ الصباح من نافذتي وتسللت خيوط الشمس معلنة عن يوم جديد، فتحت عيناي على رنات هاتفي كالعادة وكان أول ما خطر ببالي هو جاك، حينها تساءلت مع نفسي؛ هل كل ما مر من أحداث كان حقيقة أم حلمًا؟ لم أصدق إلا بعد أن رأيت بطاقته على المنضدة بقربي، نهضت من سريري بتكاسل وأزحت الستار عن نافذة شرفتي، الله الله لجمال اليوم، مشرق ويبعث السرور في النفس!

نزلت إلى الأسفل محدثة ضجة كعادتي وأنا أبحث عن أمي، لقد اشتقت إليها لم أجلس معها البارحة من المؤكد أنها تفتقدني، وجدتها في الصالة مستلقية على أريكتها كعادتها تعيش على ذكرى أبي، منذ وفاته لا يمرُّ يوم دون أن تذكره، فقد كان حنونًا وقلبه يتسع للجميع، قبلت خدها فأخذتني في حضنها وهي تقول لي:

– افتقدتك سنو وايت، أعلم أنك لم تكوني بخير هل تحسنت ابنتي؟

– نعم ماما لا تقلقي على، فقط كثرة العمل والملفات.

– اطلبي من المدير عطلة لترتاحي فذلك من حقك.

– ماما أنت تعرفين كم أحب عملي، فهو الوحيد الذي يملأ فراغي وأشعر فيه بالسعادة وإن كان متعبًا.

– المهم أن أراك سعيدة، لنذهب لتناول الفطور مع صوفي حتى لا تتأخري عن عملك.

– حاضر ماما نسيت عملي، يا للهول أخاف أن يوبخني المدير عن التأخير!

أخذت فطوري بسرعة وغيرت ملابسي لأذهب إلى عملي ولم تمض دقائق حتى وصلت، شرعت في إنجاز الملفات المتراكمة كالمعتاد وصورة جاك لا تفارق مخيلتي.

لم أشعر إلا وطرقات ليفيا على الباب، نسيت أن أسألها عن حال أبيها، سوف تغضب مني، لكن لم أفعل ذلك عن قصد، دخلت ليفيا تحمل السندويتشات ومعها باقة أزهار جميلة بداخلها بطاقة، ناولتني إياها وابتسامة عريضة على وجهها.

– هكذا إذًا يا سنو وايت؟ تخفين عني أمرًا؟ ألستُ صديقتك المفضلة وبمثابة أختك؟

أخذت منها باقة الورود وقرأت ما في البطاقة لقد كانت من جاك، يا إلهي كيف سأشرح لليفيا أن ذلك كله حدث فجأة! فأنا أيضًا لم أستفق من كل ذلك بعد، ما زلت لا أصدق أنني أصبحت أحب جاك ولا أستطيع الاستغناء عنه.

– ليفيا كنت سأخبرك بكل ما حدث، فقط انتظرت حتى أتأكد من صحة الأمر، كما أن كل شيء حدث بسرعة حدث وراء حدث.

– أصدقك حبيبتي، المهم أن تحكي لي فأنا أحب سماع قصص الحب وكيف تبدأ؟

– مجنونة أنت! نحن لم نبدأ بعد حتى نسميها قصة حب، ولكن لن أخفي عنك أحببته وإن لم أجلس معه.

– كيف ذلك؟ لقد شوقتني أكثر سنو وايت أخبرني عن هذا اللغز.

– إنه يكمن في بريق عينيه، كم أخذني وسلب قلبي حتى تعلقت به روحي!

– بريق عينيه أظن أن فيهما مغناطيس جذبك إليه وجعلك تنسين صديقتك.

– بل نسيت حتى نفسي. الطامة الكبرى أني لا أعرف عنه شيئًا، فقد التقيه صدفة يوم كنا في المطعم.

– هكذا إذًا، فأنت منذ ذاك اليوم تغيرت، المهم أتمنى أن يكون من نصيبك حبيبتي فالحب الأول هو أصدق حب.

بعد انتهائي من العمل رافقتني ليفيا كعادتها في الطريق، وصلت إلى البيت، بينما هي تابعت طريقها جلست مع أمي وصوفي تناولنا عشاءنا سويًّا إلى أن حان وقت النوم، استلقيت على سريري وبيدي وردة من تلك الباقة أستنشق عطرها وخيالي سارح مع جاك، تراه هل يفكر فيَّ الآن؟ وبينما أسأل نفسي رن هاتفي:

– ألو من معي؟

– أنا جاك كيف أنت ماريا؟ اشتقت إليك كم تمنيت رؤيتك هل من الممكن أن تحققي لي هذا الطلب البسيط؟

بقيت صامتة من فرط ذهولي، وبعد تخمين استطعت أن أجيبه بالقبول وقلبي من شدة الفرح كاد أن يطير كفراشة بين الورود وهي تتنقل.

فرح جاك لقبولي عرضه واتفق معي أن يكون لقاؤنا بعد خروجي من العمل، لم أستطع النوم تلك الليلة من شدة فرحي؛ فقد تأكدت بعد تعب ومشقة أنني كنت تائهة في منعرج طريقي أبحث عن نصفي، سرتُ دونه كطيف شارد عاش وهو يبحث عن ظله إلى أن وجده.

حتى لحني كان شاردًا حين كنت أعزفه، الآن تغيرت نوتة عزفي ليصبح لحنًا جميلًا يطرب إليه الوجود، ورغم أني أعيش بين الحضور والغياب لكن أشعر بروحه تعانق روحي وإن كان هو غائبٌ عني، منذ التقيته ثمة أشياء بدأت تتحرك بداخلي تسري في شراييني على غير هدى لتجبرني على الاختلاء بنفسي.

قبلت صورة أبي وأطفأت النور لأنام وكلي لهفة أن يأتي الغد بسرعة لألقاه، إنه لقاءنا الأول سيكون.

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً