اليتيمة الجزء – (20) – عودة روحي

You are currently viewing اليتيمة الجزء – (20) – عودة روحي
اليتيمة سنوهويت

كم كنتُ غبيةً حين اعتقدت أني سأستقر بداخل جاك ولن أغادره، لم أتوقع أن تغرق بي سفينة العشق ومعها حلمي، أحسبه قد سرق مني بعد أن بتَّ عرضة لكل المؤامرات الدنيئة بسبب الجشع، كل ذلك لأنه ما عاد للمثالية مكان، مؤكد أن قمة الكمال في الأشياء لن تكتمل طبعًا ما دمنا نعيش في دنيويَّتها.

أظنني سأحيا تحت قيود أبدية مادام قلبي لم يعد لي، كنت أتمنى التحليق بروحي عاليًا، لكن قتلت ظلمًا بسبب مؤامرة أحيكت ضدي، تبقى أصعب طريقة، الموت.. هي تلك التي نموت فيها بصدمة مشاعر ونحن على قيد الحياة.

لم أعد أهتم، تركت الأيام.. هي من تقودني، تعبت من التحكم فيها لتأخذني الحياة معها أينما تريد ما عدت أكترث لشيء، وبينما أنا في العمل مستغرقة كل الوقت في أحد الملفات رن هاتفي، حملته بين يدي لأجيب، لكن المتصل أبى أن يرد رغم إعادتي للسؤال مرات عديدة، استغربت من الأمر! لقد ذهب ذهني إلى جاك، ربما هو من هاتفني كالمرة السابقة، تراه لماذا يفعل ذلك؟

مؤكد أن قلبه قد حن إلي وما يمنعه عني سوى فعلته الشنيعة، ما كان عليه أن يضحي بحب طاهر وقوي من أجل مادة فانية، الآن ليغترف من كأس اللوعة والشوق، كما أني لن أسامحه بسهولة فقد تعودت على المعاناة.

عدتُ إلى البيت رفقة ليفيا، فهي ترغب أن تقضي بعض الوقت مع أخي متعلقة به لدرجة أنها لا تستطيع الاستغناء عنه دون أن تشبع نظرها منه، كما إنها ما زالت لم تفقد الأمل في أن يفشي لها عن حبه، وما إن دخلنا حتى اعترض طريقي أخي ألفريدو وهو فرح ليخبرني أن جاك قد أعاد له ما سرقه منه.

لم أستطيع تمالك نفسي، فقد غمرتني فرحةً لا توصف حتى امتلأ قلبي بها، هذا هو جاك القلب الطيب والروح الطاهرة، إذًا هو من يتصل بي ولكنه يخجل من الاعتراف لهول ما فعله في حقي، المهم أنا الآن روحي ارتاحت وعلمت أن توأمها ندم وهذه غايتي ولا يهمني إن كان سيكون لي بعدها أم لا.

كان الفرح باديًا على وجه أخي لدرجة أنه لم يترك ليفيا لحالها بمضايقتها، أما جون أحسست انه لم يكن سعيدًا ربما يخاف أن يفقدني، قررت أن أقضي معهم وأشارك ألفريدو فرحته لعودة حقه وأمواله إليه، قضيت أيامي السابقة كلها حزن لأني كنت خائفة أن تفشل أعمال ألفريدو بسببي.

أخيرًا ألفريدو عادت الابتسامة لمحياك، لم أكن أعلم أن المال يهمك إلى تلك الدرجة؟

ومن لا يعشقه في وقتنا هذا، فهو من يرفع صاحبه أو يدنيه.

ربما معك حق، فالكل أصبح يعظمه ويرفع من شأنه فمن معه المال يحترم ويكن له ألف حساب، ومن لا يملكه يظل في الحضيض مع الأسف ولا يعتبر له وجود، لكن تأكد أن صاحب المال لن يحصل على كل السعادة فليست النقود هي كل شيء في الوجود.

لم أكن أعلم أن لي أختًا فيلسوفة.

أخي هي الحياة من ستعلمك فلسفتها.

تجمعنا كلنا كأسرة متماسكة حتى جون، وجدت نفسي أبتسم له، أتمنى أن لا يدخل في دائرة الحزن لأني أشعر به، فهو لا يريد فقدي وأنا بدوري أحب أن يظل الكل سعيدًا، عشت أنثر أبجدية السعادة وإن كنت أتمزق من داخلي، ضحكنا تلك الليلة حتى نسيت أني قد عشت أيامًا حزينة.

أخيرًا عادت لي ابتسامتي وانتعشت روحي بعودتها كزهرة ذابلة ظمآنة أزهرت من جديد بعد أن ارتوت حتى اكتفت.

غريبة هي النفس، كلمة جميلة تسمعها قد تحييها وتجعلها تحلق في السماء، وكلمة جارحة قد تدنيها لتغلق عليها داخل سرداب مظلم فتتركها تحيا كل أنواع الوجع.

افترقنا بعد أن استمتعنا ليأخذ كل واحد منا سريره، فهو من يحتوينا ويضمنا إليه ليواسينا حتى ينسينا ولو للحظات كل ما عانيته بالنهار لنعش ما تبقى من ساعات في عالم اللاشعور، لم أكن لأتعلق بجاك إلى هذه الدرجة لولا كلماته التي رواني بها، فالكلمات التي تزرع عند أول حب مؤكد أنها تلتصق بجدار قلوبنا وذاكرتنا لتظل تحيا في حالة ذهول وانبهار أمام قداسة الحب الطاهر.

قبل أن أغمض جفني أخذت صورة أبي بين يدي هذه الليلة، رأيته فرحًا لفرحي، هي روحي من تخبرني بذلك لم يكن شعوري يومًا له ارتباط بالعين المجردة. كم هو جميل أن تشعر بوجود الأشياء وإن لم تبدو لك ظاهرة! قبلته بعد أن سردت له حكايتي ككل ليلة ووعدته أن أسير على دربه واحب الكل بل وأسعدهم وإن كان ذلك على حسابي.

أطفأت النور وبالي مع جاك، تراه هل يفكر بي الآن أم هو نائم؟ إحساسي يقول لي أنه مثلي، كم تمنيت أن أعرف عنه كل شيء وأعيش معه حدثًا بحدث! لن أتعجل.. سأترك الأيام تظهر لي ما تبقى، المهم هو يحبني وهذا يكفيني.

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً