اليتيمة – الجزء (18) – لم أعد أملك نفسي

You are currently viewing اليتيمة – الجزء (18) – لم أعد أملك نفسي
اليتيمة سنوهويت

كم تمنيت أن أعيش كما أريد دون أن أعمل حسابًا للآخرين فقلبي يظل ملكي، استيقظت صباحًا دون أن أدري متى خلدت للنوم ليلة البارحة؟ المهم قد ارتاح تفكيري بعض الشيء مني، هبطت إلى أسفل بعد أن غيرت ملابسي بحثًا عن الفطور وعن كوب قهوة، فتعديل المزاج لا يكون إلا باحتسائها.

وجدتُ على المائدة أمي وألفريدو وجون، بينما صوفي تسكب لهم القهوة وتعد طعام الفطور، قرَّب لي جون كرسيًّا للجلوس بجانبه، الكل كان يتكلم ويضحك لنكت يسردونها وأنا أنظر إليهم وإلى سعادتهم، ثمة فرق بيني وبينهم الآن هم يعيشون لحظاتهم وتفكيرهم خالٍ، أما أنا أشعر أنني حبيسة دائرة مغلقة كلها حزن وحسرة لا أستطيع الخروج منها، ربما ليس الكل يشبهني فنفسية الإنسان تختلف من شخص لآخر.

كما أن السعادة قد يسهل الحصول عليها إن أفرغ كل منا قلبه وجعله ملكًا له فقط دون أن يترك أحدًا يدخل ليتربع عليه ويتخذه مسكنًا، فإن قدر وسقط أحدنا في الفخ محال أن يذوق طعم الراحة إلا بجانب من سلبه فؤاده.

أنهيتُ فطوري بسرعة وارتديتُ معطفي، لقد كان الطقس شديدَ البرودة والجو مكفهرًا ينذر بأنَّ هناك عاصفة رياح آتية دون شك، أكره حملَ شيء معي، فقط حقيبة صغيرة أضع فيها أشياء بسيطة تخصني؛ لذا خرجت دون أن أحمل مظلتي.

مشيت في اتجاه عملي، لم أكد أخطو خطوات حتى بدأت زخات المطر بالهطول، تبًّا لي هذه أنا لن أتغير، كل مرة يحصل معي ذلك ولا أتعظ. أردت أن أختبأ لكن الوقت لن يرحمني لحسن حظي، سمعت ورائي من ينادني، التفت لأجد جون يحمل مظلة آتيًا نحوي.

جون شكرًا لك جئت في وقتك، لا أريد أن أتبلل وورائي نهار كله عمل.

العفو سنو وايت العزيزة على قلبي وإن لم أهب لمساعدتك من سأساعد؟

أخبرني كيف وجدت لندن؟ هل راقت لك؟

حقيقة هي جميلة وشوارعها منظمة كأناسها، الكل يهتم بنفسه ولكن جوها صعب أن تتأقلم عليه.

صدقت، ومع ذلك فأنا لن أقدر على مغادرتها مثل السمكة التي إن أخرجت من البحر لن تحيا هكذا أنا أيضًا.

وكأنك تلمحين أنك ستظلين هناك طول حياتك، وإن فكَّر أحدهم بالزواج منك وهو غريب عن هنا وأنت تحبينه ماذا ستفعلين؟

فعلًا لم أفكر في ذلك يومًا وأنت الآن طرحته لي، وجدت نفسي أمام موقف صعب اتخاذ القرار فيه.

أوصلني جون إلى مكان عملي وأخبرني أنه سيأتي ساعة خروجي ليرافقني إلى جولة نقوم بها مع بعضنا، لم أعترض فأنا في حاجة لملأ أوقاتي حتى لا أترك المجال لرأسي الصغير أن يتوه عن طريقه.

دخلت وسلمت على زملائي وزميلاتي لأنغمس في عملي كالمعتاد، مرَّ الوقت بسرعة لأجد فوق رأسي ليفيا وقد أحضرت طعام الغذاء نفس الروتين اليومي نعيشه دومًا.

ما أخبارك سنو وايت؟ أرجو أن يكون المزاج أفضل.

لا أعتقد أنه سيتحسن ولكن لن أسايره وأنا أنتظر أن يحصل المستحيل حتى يرتاح.

بدأت تتكلمين بالألغاز، المهم أتمنى أن تقتنعي بأن الحياة لن تمنحنا كل ما نحلم به وإلا لما كان هنا شيء اسمه حلمًا.

كلامك منطقي، بالمناسبة سأخرج مع جون لأرفه عن نفسي وإن كنت لا أشعر بشيء نحوه.

المهم لتستمتعي وتعيشي لحظاتك حبيبتي، افعلي مثلي فأنا ألهو مع جاك وإن كنت لست متأكدة من مشاعره.

أظن أنه يحبك ليفيا، ولكن أخي لا يعترف بسهولة لا تقلقي سوف يتنازل يومًا ويبوح لك.

أنهينا عملنا وخرجت لأجد جون ينتظرني بسيارته، فتح لي الباب، أخذت مكاني وفكري قد سرح في جاك، أشعر كأني سأقدم على فعل شيء خطأ، سأخون حبًا صادقًا وإن كان كل شيء قد انتهى ولكن شعوري يخبرني أن جاك يحبني، فمشاعري وكل ذرة إحساس تسري في شراييني تحن إليه، كيف سأغير مجراها لأجعلها تهوى شخصًا غيره.

سار بسيارته دون أن يسألني إلى أين؟ وصل بنا المطاف إلى مقهى مطل على البحر، يا لها من صدفة؟ هو المكان الذي تركت فيه ذكرياتي مع جاك، ترجلنا باتجاه المقهى دون أن التفت ورائي لأشاهد البحر، فما عاد يحلو لي منظره الآن.

قرَّب جون الكرسي إلي وأخذ عني المعطف ليعلقه على المشجب، وجدت معاملته للأنثى تتسم بالتقدير والاهتمام هذا ما راق لي كثيرًا. ليس فيه شيء خطأ، الآن المشكلة تكمن في داخلي، أحاول أن أجعل حدًا لكل تلك المشاعر المتناقضة والمتناحرة حتى أعيش. لن أتركها تغلبني لأظل طوال حياتي أبكي على حب لم يكتب له أن يستمر.

سألني جون ماذا أريد؟ طلبتُ آيس كريم وهو بدوره، حاولت أن أسعده وأتماشى مع أفكاره، تركته يقترب مني أكثر، لم أعترض.. أريد أن أختبر نفسي وهل سيكون له تأثير علي، كم بكيت من داخلي لم أشعر نحوه بشيء، تركته يلمسني لكن مع الأسف مشاعري متجمدة لم تعد ملكي لأحب مرة أخرى لقد سلبت مني.

مر الوقت عندي طويلًا، أريده أن يسرع لأعود إلى سريري وأبكي على نفسي، فكل شيء تغير عني حتى أنا.

وصلنا إلى البيت متأخرين، وجدنا الكل نائمًا، تمنى لي ليلة سعيدة، تركته يقبلني وكأني أؤدي مهمة لأصعد إلى غرفتي وأستلقي على فراشي، أبكي بحرقة على الحياة الزائفة وأنا أسأل نفسي هل جاك يعاني مثلي أم انا لوحدي؟ ربما هو كذلك، لن أمل فسأعيش على أمل أن يعود إلي.

نظرتُ إلى صورة أبي بجانبي وأحسست أنه يبكي معي، كم غبطته لأنه رحل قبل أن يعيش حياتنا ويرى ما حدث فيها قبلته ونمت لأرتاح مني.

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً