اليتيمة – الجزء (14) – لحن أبي

You are currently viewing اليتيمة – الجزء (14) – لحن أبي
اليتيمة سنوهويت

لم أشعر متى نمت البارحة بعد صدمتي التي تلقيتها من جاك، استيقظت وأنا لست بخير، لقد كان رأسي يؤلمني يكاد ينفجر بسبب توتري الشديد من الخبر الذي سمعت، هبطت السلالم بخطًى متثاقلة، ولجت المطبخ طالبة من خالتي دواءً للرأس وعصير برتقال لأني أشعر بالوهن كثيرًا.

صباح الخير خالتي وددت لو تناولني دواء للرأس وعصير برتقال.

تبدين مرهقة كثيرًا، أظن أنه لا داعي للذهاب إلى العمل، عليك أخذ قسط من الراحة حبيبتي.

هذا ما سأفعله خالتي، سأطلب ليفيا حتى تخبر المدير عن مرضي.

حاولي أن لا تفكري في أحد فصحتك أهم من كل شيء، لا أحد يستحق أن تضحي من أجله.

صدقت خالتي، فقد بتنا نعيش في زمن طغت فيه المادة ولم تعد للمشاعر مكان.

جلست على الطاولة أشرب العصير، لم تمر سوى لحظات حتى استيقظت أمي لتنضم إلينا، لاحظت أنني لست على ما يرام، فحضنتني مخبرة إياي أن ألفريدو سيأتي غدًا وسيعلمنا بكل شيء عن ذلك الغريب المدعي جاك.

تمنيت في قرارة نفسي أن لا يكون جاك متورطًا في كل ذلك بل شخصًا غيره وأن غيابه جاء لظروف غصبًا عنه، قلبي ما زال يحدثني أنه قد أحبني ومشاعره كانت صادقة لم يكذب علي، وبينما أنا أفكر في كل ذلك سمعت أمي تقول لي:

سنو وايت لا داعي يا ابنتي أن تذهبي إلى العمل وأنت في تلك الحالة السيئة.

أكيد أمي، لقد فكرت في الأمر وقررت أن أعلم ليفيا اليوم، سأحاول أن أرتاح لأستعيد حيويتي ونشاطي.

أخيرًا سنجتمع يومًا واحدًا كم اشتقت لذلك ينقصنا ألفريدو ولكن غدًا سيكون معنا.

نسيت أبي ماما، فأنا دائمًا أفتقده وإن كان غائبًا عنا تظل صورته تلازمني، كم تمنيت لو كان معنا لكانت أشياء كثيرة حلَّت وما صعبت علي.

إنه الموت ابنتي لن يترك أحدًا، فنحن أيضًا سنموت لنلحق بكل الأموات الذين سبقونا؛ لذلك لا تحزني، اهتمي بنفسك وعيشي حياتك فقد تجدين الشخص الذي سيعوضك حنان الأب ويصبح بالنسبة إليك كل شيء.

كم شعرت بالألم والخيبة وأنا أنظر إلى ذاتي فقد وجدتها أصبحت غريبة عني، فأنا لم أعد كما كنت، واقع مفروض وجب علي أن أستسلم إليه إرضاء للجميع، لم يعد للمشاعر مكانٌ لها في زماننا، المهم أن لا يتعثر المركب وإن كان يمشي عكس تيارنا، أما ذاتك وما تصبوا إليه فإلى الجحيم.

هاتفت ليفيا ورجوتها أن تطلب من المدير أن يسمح لي بيوم للراحة وتخبره عن مرضي، طمأنتني أن تقوم بكل شيء وتنجز الملفات المطلوبة بدلًا مني، تظل ليفيا الصديقة المخلصة التي حظيت بها في حياتي، أتمنى أن تدوم علاقتنا وأن لا يفاجأني الزمن بأي صدمة أخرى.

هذا اليوم تغذيت مع أمي وصوفي حاولنا خلقَ جوٍّ من المرح والدفء الأسري، لكن كنت بين الفينة والأخرى آتية بين غياهب نفسي، طلبت مني أمي أن أعزف لها لحنها المفضل، لم أمتنع فهي تعلم أن ذلك يريح نفسيتي وينسيني همومي، أبي ترك لي لحنه لأعزفه كلما ضقت ذرعًا من الحياة حتى تصفو نفسي.

عزفت هذا المساء بكل إحساس لحن الحياة المؤلمة لأواسي نفسي الجريحة والتائهة، فما زالت المسكينة تبحث عن إجابة مقنعة لسؤال ظل معلقًا: هل سأستمر هكذا؟

ذرفت الدموع وأنا أعزف، إجابتي كانت دموعي فالكلام لم يعد له نفعٌ.

استأذنت أمي وصوفي للصعود إلى غرفتي والاختلاء بنفسي المتعبة، تمنيتا لي ليلة سعيدة، أخذت حمامي وبينما أنا أجفف شعري سمعت هاتفي يرن، قفزت من مكاني ربما هو جاك، تبًا! لم يكن هو، إنها صديقتي ليفيا تطلبني.

نعم عزيزتي ليفيا كيف حالك مع العمل؟ اعذريني لقد أتعبتك اليوم؟

لا تحملي همًّا فقد أنجزت كل الملفات، فقط أريد إخبارك أني لن أحضر عندك هذا المساء، كنت أريد لكني أشعر بالإرهاق.

لا عليك ارتاحي، في الغد نلتقي وأنت أيضًا تتبعك مسؤولية والديك، كم أنا سعيدة بك لقد رزقت بأروع أخت..

إلى الغد حبيبتي، لا تفكري كثيرًا، اهتمي بصحتك فأنا أحتاجك لتعودي كما كنت الفتاة المرحة.

حاضر عزيزتي، سأفعل ولا تنسي غدًا موعد مجيء ألفريدو، أظنك ستفرحين كثيرًا.

كم يسعدني ذلك غدًا سيكون يومًا مميزًا، ألفريدو عزيز على قلبي، طابت ليلتك سنو وايت .

ليلة سعيدة صديقتي المفضلة.

أخذت قصة بين يدي وجلست في الشرفة لأقرأها، أحاول أن أفعل أي شيء كي أنسى لأعود كما كنت، لم أعد أرغب شيئًا في الحياة فقد اكتفيت منها، هل ما أطلبه مستحيلًا؟ أريد أن تعود ماريا لما كانت عليه، أخاف أن تظل هكذا تحمل معها ذكريات مؤلمة لم تجني من ورائها سوى الحزن والوجع.

غدًا سيعود أخي لا أعرف ما سيحمله لنا من أخبار، فعودته جاءت رغمًا عنه. ألفريدو قليلًا ما كان يزورنا وأغلب زياراته كنا نتفاجأ به إلى أن نجده أمامنا.

أملي أن أسمع منه عكس ما علمت.

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً