النظام أساس النجاح

You are currently viewing النظام أساس النجاح
النظام أساس النجاح

أحمد وفاطمة زوجان في مقتبل العمر يعيشان في مدينة هادئة يملكان مخبزا صغيرا في أول الحي الذي يسكنان فيه.
كان لديهما طفلة جميلة تدعى ملَك ذات شعر كستنائي طويل و عيون زرقاء كزرقة البحر الصافي. كان أبواها يدللانها أشد الدلال و لكنهما كان دائما ينزعجان من قلة اهتمامها بتنظيم غرفتها و أغراضها و عدم اكثراتها لقوانين البيت حيث كانت دائما ما تأخد الأكل لغرفتها و تأكل فوق سريرها الغير المرتب فيمتلئ بالفتات و كذا الارضية و السجاد كما أنها كانت دائما تترك ألعابها ملقاة هنا و هناك و خزانتها دائما مبعثرة حتى كتبها المدرسية ملقاة في كل أنحاء البيت.
كان أحمد وفاطمة ينصحانها و يعاتبانها كل يوم لكن دون جدوى إلى أن يئسا من هذا الأمر.
جاء فصل الربيع مع جوه البديع، امتلأت السماء بالفراشات و تفتحت الأزهار  و اقترب معه عيد ميلاد اجمل زهرة عيد ميلاد ملَك.
كانت ملَك  تعشق فصل الربيع و ما كان يزيد حبها له أن عيد ميلادها في هذا الفصل بدأت تخطط له.
فكرت في إقام حفل كبير تدعو إليه كل أصدقائها و أن ترتدي فستانا موردا تضاهي فيه بجمالها جمال بساتين الورود و الازهار الملونة.
ذهبت ملَك برفقة والديها لشراء فستان أحلامها. تجولوا في كل الأسواق و المولات لكن دون جدوى، و بعد أن كادوا ييأسوا من إيجاده، وقعت عينا ملَك على فستان معلق في نافذة إحدى المحلات.
صرخت ملَك فرحا وهي تقول:
– ماما، بابا هذا هو، هذا هو فستاني. أنظرا إنه هناك هذا الفستان الذي أريده.
ردت عليها أمها مبتسمة:
حاضر ابنتي  لقد رأيته فعلا إنه جمييل جدا، هيا ارتديه لنرى مقاسه عليك.
حينها أكد الأب قائلا لحسن اختيارها:
– هيا بنا متأكد انه سيكون رائعا عليك
ارتدت ملَك  الفستان و كان عليها أحلى من الخيال
اشترى والداها الفستان و عادا أدراجهما للبيت و الفرحة تملأ قلوبهم.
قبل يومين من موعد عيد ميلاد، استيقظت ملَك و هي تحلم بنظرات صديقاتها و أصدقائها لها حين ترتدي هذا الفستان، ارتدته و وقفت بجانب مرآتها تتأمل نفسها الى أن سمعت صوت أمها تنادي من غرفة المطبخ قائلة:
ملَك تعالي يا إبنتي، الفطور جاهز هيا قبل أن يبرد.
ردت عليها ابنتها:
حاضر يا أمي أنا قادمة.
غيرت ملَك ملابسها و رمت الفستان على السرير و نزلت مسرعة لتفطر.
و كعادتها لم تكمل فطورها كله على طاولة الطعام، بل حملت كأس العصير معها لغرفتها متجاهلة نداء أمها و هي تقول:
ملَك إشربي عصيرك هنا، بعدها اذهبي لغرفتك سوف تسكبينه على الأرض!
عقبت عليها ملَك قائلة:
لا تقلقي أمي لن أسكبه على الأرض.
تدخل أبوها هو الآخر قائلا:
دعيها لا جدوى من الكلام معها فهي لا تسمع.
تنهدت الأم و أكملت فطورها.
فجأة سمع أحمد و فاطمة صوت صراخ و بكاء إبنتهما قادما من غرفتها هرعا إليها و فتحا الباب.
سألها الأب مستفسرا:
مابك ماذا حدث لك؟
وأيضا الأم تعيد نفس سؤاله محاولة تهدئتها:
اهدئي و أخبرينا ماذا حدث.
ملَك (ووجهها مليء بالدموع) قالت:
لقد تعثرت بدميتي المفضلة و كسرت يدها و سكبت العصير على فستاني الجديد، اااه هئ هئ هئ هئ راح فساني الجميل و تكسرت لعبتي ماذا أفعل الآن هئ هئ هئ؟
حيتها قالت الأم معاتبة ابنتها:
لقد حذرتك لكنك لم تسمعي الكلام. كم نصحتك سابقا أن تكوني منظمة في حياتك فالنظام أساس النجاح.
أما الأب قال لها بحزم:
هذا درس لك حتى تتعلمي أن الحياة بدون نظام لا يمكن لها أن تستمر، و الجمال بدون نظام ناقص.
أطرقت ملَك رأسها خجلا واعتذرت إليها قائلة:
أنا آسفة جدا أعترف بخطئي، و أعدكما بأنني سوف أكون منظمة من الآن فصاعدا أرجوكما ساعداني لكي أصلح فستاني، و سوف أكون كما تريدان وأتغير و أصبح فتاة منظمة و مطيعة هئ هئ هئ.
حينها طلبت الام من ملَك قائلة:
رتبي غرفتك الآن و عندما تنتهين سوف نبحث عن حل معا.
ردت عليها ملَك مطيعة:
– حاضر يا ماما شكرا لكما.
رتبت ملَك غرفتها و هي ترتب كانت كل لحظة تكتشف غرضا من أغراضها الضائعة التي طالما بحثت عنها، كان أسفل سريرها مثل مغارة علي بابا مليئا بالاغراض الضائعة.
بعد خمس ساعات نزلت ملَك و هي منهكة من الشغل الذي أوكل إليها، وعلامات الحزن على بادية وجهها. نظرت الى أمها و أبيها وقالت:
-أنتما محقان لقد كانت حياتي كلها فوضى، صدمت مما وجدته في غرفتي من أغراض ضائعة، و من بقايا أكل متناثرة أنا آسفة حقا أعدكما أنني سوف أتغير و أتعلم من أخطائي.
شعرت الأم ان ابنتها قد أحست بأخطائها وبدأت تتعلم قالت لها:
-أحسنت يا ابنتي نحن سعداء جدا بكلامك هذا.
أما أبوها فقد أفرحها وهو يقول لها:
– لا عليك ابنتي سوف أجد حلا لفستانك هناك مغسلة جيدة أعرفها في الحي المجاور  سوف نأخد من حصالتك ثمن غسله و كييه لكي تتعلمي أن كل خطأ نقوم فيه في حياتنا إلا وله عواقب يجب أن نتحملها. سوف آخذه الآن و غدا أعيده لك.
فرحت ملَك بقرار أبيها قائلة:
– طبعا أنا مستعدة لدفع نتيجة خطئي شكرا جزيلا لكما.
أخد والد ملَك الفستان و ذهب به إلى المغسلة، و في صباح اليوم التالي أحضره لها. فرحت ملَك كثيرا لأنه عاد جديدا.
جاء اليوم الموعود استيقظت ملَك ورتبت غرفتها كاملة ساعدت أمها في إعداد الفطور، تناولت وجبتها و بدأت بتجهيز لعيد الميلاد، رتبت الزينة و وضعت الصحون و الكؤوس و الشوك و الملاعق، رتبت كل شيء بنفسها و بطريقة جميلة جدا، لبست فستانها و انتظرت أصدقاءها.
حضر أصدقاءها للحفل و اندهش الجميع من التنظيم والترتيب الذي كان في الحفل و من جمال ملَك وهي بفستانها والبهجة تملأها، كما فرح  أبواها بتغيرها الكبير. لقد تعلمت ملَك درسا كبيرا مما حدث وأصبحت فتاة منظمة تقدر المسؤولية، و هذا ما زادها جمالا، فهي أكيد ستظل نصيحة والدها راسخة  في رأسها تتذكرها دوما آلا وهي” النظام أساس النجاح” و “الجمال بدون نظام ناقص”.

الكاتبة أبرغاش ضحى

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً