الأرق

You are currently viewing الأرق
الأرق

هو ذاك الذي يقض مضجعي ويهد بعضي ، الأرق ، لو كان رجلا لخنقته في ردهات الليل واستسلمت إلى وسادة أخطب بها ود الأحلام ، من أين أتى هذا المارد الذي لا يقدر لليل هيبته ، استجمعت أنفاسي ، وأغمضت جفنيي فصار يراودني ويطرد النوم طردا ، أشعلت مصباح الغرفة وجلست على السرير ، هممت بمفاوضته متصنعا همم الكبار وسكون الشوامخ فبادرت أنا أولا :
أيها الأرق ، لقد أوغل الليل في الظلام وأثخن ماحاجتك بي؟
ابتسم كالشامت المنتصر وعقب :
أنا أحل بالمهموم والعاشق والحزين .
ضحكت مكرها فقلت :
أيجتمع فيك الهم والعشق والحزن ؟
أجاب غير مبال ؟
أشغل بال كل ذي أمر عظيم ، ولن تستطيع هزمي .
أخفيت توسلي والتمست :
بحق العشق افسح الطريق وأزح الحجاب عن نومي فلعلي أرى في حلم عاشقي .
قهقه في خبث وهمس بعدما مني اقترب :
لن تحتال علي يافتى ، لا تنام ، فالعشق غالي ، وهو أسمى من أن يغمض لك جفن .
نفذ صبري فسألت :
من أنت بحق رب السماء ، أليست لك روح ؟
قال ناظرا بعينين جاحظتين :
أنا خصم النوم حتى تستسلم .
أطفأت المصباح لأحجب عنه موقعي وكأني في حرب والحرب خدعة ، فلم يدرك هذا الأرق اللعين أنني لا أستسلم جهارا ، دعوت عاشقتي البعيدة لتحل بجانبي ، جاءت كعادتها في غنج وذلال ، تحدثنا ، تجاهلته تماما ، فنمنا سويا.

جمال عتو

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً