أوراق تنصر الباطل

You are currently viewing أوراق تنصر الباطل
أوراق تنصر الباطل

على الرصيف كان فقير يسعى، عُرف عنه أنه يرفض النقود الورقية ولا يقبل إلا المعدنية منها. توقف عنده يوما رجل ميسور، أعطاه ورقة من فئة مائة درهم، رمقه هذا و قال:
– مائة درهم مرة واحدة؟ غير معقول. أنت تمزح؟ فهذا كثير، ثم إنها ورقية، وأنا لا أقبل النقود الورقية. هلا أعطيتني فقط شيئا منها ويكون معدنيا من فضلك؟ سأله:
– ولماذا؟
أجابه:
– أنا فقير، ومنذ أن أرغمني الزمان على مد يدي للمحسنين، ما تلقيت من أحد منهم ولو مرة مثل هذا القدر من المال. نعم مثل هذه الأوراق سيدي، لم تعرف جيبي أبدا وما تخطت عتبته يوما. إنها تكرهني وأنا كذلك صرت أكرهها.
تعجب وسأله:
– أظنك غير واع بما تقوله! أترفض مني نقودا أنت في أمس الحاجة إليها؟ هلا تعقلت وأخذتها، فهي ستغنيك عن السعي طيلة يومك هذا؟
أجابه:
– ليس من طبعي أن آخذ ما لم أتعود على أخذه يا سيدي، لقد علمني نفاقُ مجتمعي، أن لكل موقف نقوده، فالحسنات لها نقود تنفق، وعلى الفقراء غيرها تنفق. وأيضا لقضاء مآرب أخرى تنفق،
قال:
– أفصح؟
أجابه:
بدون شك إنك تعرف ما أعنيه
عقب عليه قائلا:
– هلا نورت فكري.
رد عليه:
– عموما، ألا ترى سيدي أن مثل هذه النقود الورقية لا تدفع أبدا لفقير مثلي، وإنما تدفع لغني مثلك، أو تدفع، في حانة خمور، لعاهرة، أو تعلق على نحر مغنية في حفل مجون أو عرس نفاق؟ وإن لم يكن هذا أو ذاك فهي تدفع من تحت الطاولات لأخذ حقوق الآخرين.
قال الرجل:
-صدقت.. مثل هذه الأوراق، صنعت لتدفع من تحت الطاولات، لنصر الباطل وبطر الحق…

أحمد علي صدقي/المغرب

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً