قالت لي السمراء
قالت لي السمراء من أين تأتي بكل هذي الدموع؟ قلت: من نهرنا العربي المفجوع
قالت لي السمراء من أين تأتي بكل هذي الدموع؟ قلت: من نهرنا العربي المفجوع
هذا واقعه الحقيقي الذي لامفر منه، رسمه له القدر بريشته قبل أن يأتي وتزرع فيه النفس، حمل صينيته والثلاجة وصفق الباب وراءه تاركا حلمه معلقا على أمل أن يستيقظ من نومه فيغدو حقيقة
مسافرة في السراب أبحثُ عني في الوجود عن روحي التائهة بين مدن الذكرى هناك تركتها
فالطير وإن هاجر موطنه هروبا من غضب الطبيعة وقسوتها، فالحنين يعيده حين تلبس الحياة حلتها الجميلة لتتزين بأبهى الألوان في الربيع، تستقبله مرحبة بأطيب وأزكى العطور ليغني أعذب الألحان ويشدو بأرق الأصوات مرفرفا في سماء الحرية بعد طول غياب
وقد كسا الغموض الطريق ليجدا أنفسهما بين حياتين. كل واحدة في كفة وهما لايدريان أية كفة ستصل بهما الى بر الأمان. من المؤكد ما كان سبب ذلك سوى محاولة عيش في أرض ثمارها غير ثمار شجرتهم الأصلية
أنا المرأة التي غرقت المراكب بها حين رمتني الحياة بسهمها بِتُّ أعشق النوم في غير وقته علّني أنسى مصابي بطعنتها
كم كنتُ غبيةً حين اعتقدت أني سأستقر بداخل جاك ولن أغادره، لم أتوقع أن تغرق بي سفينة العشق ومعها حلمي، أحسبه قد سرق مني بعد أن بتَّ عرضة لكل المؤامرات الدنيئة بسبب الجشع، كل ذلك لأنه ما عاد للمثالية مكان، مؤكد أن قمة الكمال في الأشياء لن تكتمل طبعًا ما دمنا نعيش في دنيويَّتها
نهضت من مكانها وقد قررت أن تصبح شخصا آخر لا يستسلم لليأس بل أن تصبح كأبيها، فما مات من خلف وراءه من يحبه. ليطمئن جيمس في قبره فلن يذهب تعبُه سُدى مادامت إيزلا مصممة على اتباع نهجه، هذا ما رددته في نفسها وكلُّها طموح وأمل بأن يكون الغد أجمل
.... وأنا أغادر التقاني صياد عجوز كنا نقاسمه فطور الصباح على صخرة بشاطئ الوادي ، حياني وعانقني وهو ينتحب قائلا : "متيقن بأنك لم تنس ذلك الصديق الجميل ، لقد ترك رحيله في أنفسنا حسرة ، صبرك الله ياولدي، تلتقيان في جنة الخلد" ما تذكرته حينها سوى أنني هويت أرضا ، ولم أستفق إلا في مصحة وأنا أردد أمام ممرضة : " ياليتني لم أفكر في ارتياد تلك المقهى ، لقد ندمت
كم هي ثقيلة علي قيودي؟ وإني لا أبتغي سوى حريتي كلما سئمت من غيري أختلي لأفتش عن ذاتي حريتي أن أعيش مع نفسي وأعود لطفولتي وبراءتي
في عِيادة الأسنان حسناء جميلة جالسة ترمقني بنظراتها، رمتني بسهمٍ شقَّ قلبي فكاد أن يفطروقفتُ أمام مرآة كانت تُقابلني حتى ضحكتُ من ملامح وجهي ورأسي الأصلع، فأنا صرتُ أيضًا دون رموش وأهداب وذقن لا يلمع بخيط فضة وثيابي تشبه ثياب موظف
ماعَشِقْتُ من ليلي سوى سكونه وهو ينساب بهدوء ليدثرني بل بشوق يسبقني ليحضنني فيه يَخْلُدُ بِصَمْتٍ كل إلى مضجعه وأغوص متلهفة في حقول ذكرياتي
نظرتُ إلى صورة أبي بجانبي وأحسست أنه يبكي معي، كم غبطته لأنه رحل قبل أن يعيش حياتنا ويرى ما حدث فيها قبلته ونمت لأرتاح مني
أزحتُ عني جبلا من المشاعر. وتأكدت أنها ليس من نصيبي. فعدتُ لدفاتري أَلْتَهِم مافيها. وعدتُ أُلَمْلِمُ ما تبقى مني
لم تلبث أن سمعت إيزلا شهقة أبيها وخروجَ روحه من بين ثناياه مودعة ذاك العالم بكل ما فيه من أحلام وطموح وخذلان، أكيد قد ارتاحت الآن من كل ذلك وهي من كانت مثقلة بحِمْل ثقيل لتصبح خفيفة وتطير إلى عالم آخر كله صفاء ونقاء
كيف يحلو الوجود دون غناء؟ فلا حياة ما لم نغنيها والناي يسري بين الأرواح يقتفي أسرارها ويبكي ديارا غدت أطلالا
في المساء قصدت مقهى شعبية بدون هاتف ولا كتاب ، هناك قرأت عشرات القصص عن الذين يعيشون ويرحلون في صمت ، استمعت لأحاديث بوشتة وحدو والصوبري وبونوارة ، ابتسمت لهندام الناذل ذي الأسنان المتنافرة والروح الخفيفة ، لا شكوى هناك ولا صراخ ، ولا صوت يعلو عن : " قهوة معلكة يا المعطي ، ارفع يا غبي ميسة ، هات الضومنو يا ابن المتلوفة
خبرني الحارس أن الحاجة السالكة في ذمة الله ودون شعور سرت أكبر وقلت إنا لله وإنا لله راجعون، وذكرت له أني كنت أعزها فأجابني أنها هي الأخرى كانت تعزني، رحم الله الحاجة وغفر لها وأدخلها فسيح جنانه
لا أمنيةٌ تطال ناظره المكتحل وحتى الهوى يخاف …..نظرة العين لامستْ أصبعي…… ثغره المتجهم فنادى القلب بشغفٍ ……..ولنبضه كان مستعين