ليس هناك أقسى من أن نحيا ونحن لا نحيا لحظتنا بطمأنينة بسبب الخوف الساكن بداخلنا من المجهول، لتبدو لنا الحياة ضيقة رغم رحابة الوجود لذي لم يعد يتسع لنا، تلك الهواجس أتت لتدمر حصن الأمان بعد أن غمرت قلوبنا بالخوف على حياتنا من غد مخيف قد يأتي ليسلبنا إياه، أكيد الآن نَحِنُّ إلى تلك الأيام التي كنا نحياها، ومع ذلك كم اشتكينا وكأن الانسان لن يكف من الشكوى إلا إذا أتاه من يسكته ويوقعه أرضا، ربما ما نعانيه من وجع الآن بسبب طغيان المادة، سيعلمنا قيمة تلك النعمة التي كانت بأيدينا يوما وما شكرنا الله عليها وهي الرضا بالقليل.
فالحياة أكبر مدرسة وأحداثها هي من نتعلم منها، وأي حدث عشناه هو من يُظهر لنا أخطاءنا وهفواتنا واللامبالاة التي كنا فيها، لنعود إلى أنفسنا ونحاسبها بعد أن نجلس معها، كما سيفتح أعيننا لنعثر علينا بعد غيبة طويلة كنا تائهين فيها، نبحث عن مفتاح لسعادتنا والأصح كل واحد منا يفتش عنها لنفسه دون التفكير في مقاسمة غيره.
وأعتقد أن الأغلبية تمشي في اتجاه المصلحة الفردية، علما أن الانسان بطبيعته التي جبل عليها لا يمكن أن يستغني عن الجماعة لتحقيق أهدافه، لكن بأساليبه الملتوية وطغيان الأنا يحاول الاستحواذ على كل شيء لنفسه، رغم أنه يدري أن ذلك هو حق الجماعة، فينمو بداخله حب التملك والسيطرة على ممتلكات الغير مع الأسف، ويُنْتَزَعُ من قلبه كل شيء جميل ومحسوس ليستبدله فقط بما هو ملموس، فيفقد بعدها أجمل شيء فُطِرَ عليه هو حب الخير.
سميا دكالي