كانت إيزلا متوترة بعض الشيء فقد انتقلت للعيش في مكان غريب عنها كل شيء بدا لها مختلفا للغاية، هذا التغيير المفاجىء لم تكن تنتظره لقد تعودت قضاء أغلب الوقت مع فقمتها إيريس وكلبها في البحر حيث الفضاء واسع والشاطىء كله لها لا ازدحام فيه، ولا صخب بل كل المكان كان لها.
الآن كيف ستقضي الحياة في هذه البلاد الغريبة عنها من المؤكد سوف تشعر بالغربة والوحدة، لولا وجود دانيال الذي بدأ يتسلل إلى قلبها ليسكن فيه، لما استحملت المكوت ولرجعت إلى موطنها الأصلي.
استلقت على السرير بدأت تتحسسه وهي تتساءل مع نفسها هل ستستطيع النوم هذه الليلة؟ ربما الأرق سيرافقها وتبقى فريسة ذكرياتها التي تركتها في الجزيرة، وكما توقعت لم يغمض لها جفن رغم أن السرير كان مريحا والغرفة جميلة، بها نافذة تطل على الحديقة كل شيء يبعث لانشراح الصدر والإحساس بالطمأنينة، لكن موت أبيها وغياب إيريس خلفا لها أثرا عميقا ما استطاعت نسيانهما، مما جعلها لا تستمتع بهذه اللحظات.
أتى الصباح وتسللت الشمس مخترقة زجاج نافذتها وقد أطربتها زقزقة العصافير وهي تطير بين أشجار الحديقة، ألقت إيزلا عنها الغطاء لتقفز مسرعة نحو نافذتها وتفتحها فهي لا تريد تفويت عنها مشاهدة شروق الشمس والاستمتاع بتغريد العصافير، لعلها تعتاد على تلك الحياة الجديدة وتعوضها عن أحزانها التي لم تكن تنتظرها.
ظلت لحظات وهي تتأمل تلك اللوحة الجميلة الطبيعية إلى أن سمعت طرقات على الباب أذنت بالدخول، لقد كانت الخادمة التي طلبت منها النزول إلى الأسفل لتشارك خالتها في وجبة الفطور. لم تمانع بل ذهبت للتو إلى الحمام غسلت وجهها وغيرت ملابسها، وما هي إلا لحظات حتى كانت جالسة مع خالتها، صبّحت عليها الخالة قائلة:
– صباح الخير حبيبتي لاتتصوري مدى سعادتي بقدومك عندي، فأنا اعيش فراغا كبيرا بعد رحيل ابني الوحيد.
أجابتها إيزلا:
– لي الشرف الكبير أن أعيش معك لأسعدك وأؤنس وحدتك خالتي.
عقبت عليها خالتها قائلة:
– أنت فعلا فتاة خلوقة وإنسانة طيبة وسوف أكون دائما بجانبك حبيبتي.
اطمأنت إيزلا بعض الشيء وتناولا فطورهما وهما تثرثران إلى أن سمعتا الهاتف يرن، تراه من يكون؟ لقد بدأت إيزلا تتساءل بينما الخالة اتجهت صوب الهاتف لتجيب.