هذا الصباح لم يذهب جيمس للغوص، المسكين قضى حياتَه في أعماق البحر ما تخلف يوما عنه إلا عندما يسوء الجو. الآن هي حالتُه من ساءت فالمكان سيظل كما عهده والجو قد يتغير حالُه ويعود إلى سابقه، لكن جيمس هل سيستعيد عافيتَه ونشاطه حتى يحقق حلمَه؟ هذا ما شغل رأس إيزلا الصغير.
قضت يومها تفكر في ذلك تمنت من قلبها أن يُشفى أبوها حتى تنزاح تلك الغمة التي أطبقت على صدرها. تخاف من مجهول يخبأ القدر فيه مفاجآت لها قد لا تتحملها، وهي من من كان يخيل لها أن الحياة ستبقى تمشي على نفس الوثيرة لن تتغير مهما مرت الأيام، ما اعتقدت أن لها يد خفية قد تقلب الفرح وجعا وتأخذ منك ما كنت دوما تملكه في لحظة لم تحسب لها ولا فكرت فيها أبدا.
مر يومُها يسوده الكآبة والحزن فحتى صديقتُها إيرس لم تسبح معها وهي من تعودت أن تظل ملتصقة بها أوقاتا ليست بالقليلة، كيف للظروف أن تضفي ألوانَها الغامقة على لوحة حياتها المزهرة الشفافة الذي ألفته؟ ظنت أن لا شيء يتبدل، المسكينة مازالت صغيرة لتفهم أن الحياة قد تتقلب في أي لحظة ودون سابق إنذار، من المؤكد ما كان سيحدث معها ذلك لو انفتحت أكثر واندمجت مع الغير فقد عاشت منعزلة وتقيدت بمكان محدود، الآن قلبها يحمل كل الخوف من العالم وما فيه.
تخشى أن تبيت وتستيقظ لتجد نفسها تحيا بمفردها في تلك الجزيرة.
تعلم يقينا أنها لن تذوق طعم السعادة ولن يصبح للحياة معنى إذا غاب عنها والدُها الذي مثّل لها كل شيء ذاك الصرح والأمان، ظل يحميها من غدر الزمان طول حياته، رجاؤها أن يشفى وينهض من فراشه حتى تنتهي هواجسُها وتخوفاتها ويطمئن قلبُها.
بلغ منها التعب ذروته من كثرة التفكير، فاستأذنت أباها للنوم بعد أن طمأنها أنه بدأ يتعافى، تركته وألقت بنفسها على سريرها ليحتضن هذا الأخير كل همومِها وأحزانها فتعيش لحظات منفصلة فيها عن زمانها الذي بدأت لاتطمئن له، فالنوم في تلك الحالة يغدو رحمة لبالها المشغول وفكرها المرهق.