هو ذاك الذي يقض مضجعي ويهد بعضي ، الأرق ، لو كان رجلا لخنقته في ردهات الليل واستسلمت إلى وسادة أخطب بها ود الأحلام ، من أين أتى هذا المارد الذي لا يقدر لليل هيبته ، استجمعت أنفاسي ، وأغمضت جفنيي فصار يراودني ويطرد النوم طردا ، أشعلت مصباح الغرفة وجلست على السرير ، هممت بمفاوضته متصنعا همم الكبار وسكون الشوامخ فبادرت أنا أولا :
أيها الأرق ، لقد أوغل الليل في الظلام وأثخن ماحاجتك بي؟
ابتسم كالشامت المنتصر وعقب :
أنا أحل بالمهموم والعاشق والحزين .
ضحكت مكرها فقلت :
أيجتمع فيك الهم والعشق والحزن ؟
أجاب غير مبال ؟
أشغل بال كل ذي أمر عظيم ، ولن تستطيع هزمي .
أخفيت توسلي والتمست :
بحق العشق افسح الطريق وأزح الحجاب عن نومي فلعلي أرى في حلم عاشقي .
قهقه في خبث وهمس بعدما مني اقترب :
لن تحتال علي يافتى ، لا تنام ، فالعشق غالي ، وهو أسمى من أن يغمض لك جفن .
نفذ صبري فسألت :
من أنت بحق رب السماء ، أليست لك روح ؟
قال ناظرا بعينين جاحظتين :
أنا خصم النوم حتى تستسلم .
أطفأت المصباح لأحجب عنه موقعي وكأني في حرب والحرب خدعة ، فلم يدرك هذا الأرق اللعين أنني لا أستسلم جهارا ، دعوت عاشقتي البعيدة لتحل بجانبي ، جاءت كعادتها في غنج وذلال ، تحدثنا ، تجاهلته تماما ، فنمنا سويا.
جمال عتو