في إحدى حصص الإنشاء تقدم الأستاذ نحو السبورة بتؤدة وكتب عنوانا عريضا : كيف نعيد الإعتبار للكتاب ؟ ماج الفصل في لغط شديد واندفعت الأصابع إلى الأعلى في حماس، إختلطت الأصوات: أستاذ أستاذ أستاذ ؟ تاه الأستاذ وسط زوبعة الإجابات الهوجاء ، حاول جاهدا أن يركز فاستنفر سمعه لعله يلتقط إجابة واضحة وصافية تشفي الغليل، ولما تعب السمع ونفذ الصبر هرول في اتجاه المنضدة فأشبعها دقا وضربا بمسطرته الحديدة مرددا: سكوت سكوت
ساد الصمت حينها وفسح الأستاذ المجال لإجابات مختلفة : قال تلميذ في الصف الأمامي: لكي نعيد الإعتبار للكتاب يا أستاذ يجب علينا أن نحدث قطيعة ولو مؤقتة مع المحمول ،فليس منا من لايملأ عليه حياته، فكيف نتخلص منه ولو للحظة من أجل قراءة الكتاب؟، وأردف آخر ، عصرنا يا أستاذ إكتسحه الإنترنيت فأصبحنا نستقي منه المعلومة بشكل أبلغ وأوضح وأسرع .وفي الصف الخلفي إنبرت تلميذة بادية التأثير فأشفت الغليل وهي ترافع عن الكتاب بأسوب فصيح لكي تضعه في المقام الصحيح… وفي معرض النقاش الصاخب إنساق الجميع في حوارات حادة، يعلو فيها صوت على صوت فتحول الصف مرة أخرى إلى ظاهرة صوتية ،غاب فيها العقل واستأسد الإنفعال والتعصب للإنترنيت….
بيد مرتجفة و عصبية بالغة تتحرك العصا الحديدية في اتجاه الطاولة، يشبعها الأستاذ ضربا ودقا صائحا بأعلى صوته :سكوت سكوت ..ساد الصمت وسكت الغضب ،حينها سمع الجرس فاندفع التلاميذ نحو الباب اندفاع السيل ، تعقب الأستاذ فلولهم الهاربة ، كل يتحسس جيبه من أجل إشهار المحمول.. حيث يبدأ النقر ولاشيء غير النقر.،… أغلق الأستاذ الباب في شرود تام تاركا وراءه عنوانا عريضا على السبورة كتب بخط بارز وبطباشير أغبر.
وفي تلك الأثناء جالت في مخيلته مشاهد درامية يومية تحكي عن إرهاصات أفول نجم كبير إسمه الكتاب وهو يشهد تجاذبا حادا بين النصرة والخذلان. حاول الأستاذ أن يهدئ من روعه فوجد عزاءه في أن يستعيد الكتاب صولته يوما فينتفض من سباته كما انتفض الفينيق من قمقم الرماد؟
الكاتب م العربي زين العابد.ين/ المغرب