غريب هو الإنسان لا يعود إلى السؤال عن نفسه ويحاسبها، إلا عندما يتيه عن طريقه الذي كان يرغب في الوصول إليه، أو عند فقده لشيء أدخله في دائرة الحزن، وكأن النفس لا يحق لنا أن نتذكرها عند الفرح وفي لحظات سعادتنا، ربما لأننا ننسى أوقاتنا التي عشناها ونحن في صفاء.
فلا يترسخ في جدار ذاكرتنا سوى الألم الذي يترك بصمته في أنفسنا، نجلس حينها بمحاذاتها لاستعادتها ومعاتبتها رغبة في بعث بعض الأمل فيها، مستعرضين كل ما مر لعلّنا نواسيها فنكمل وإياها مسارنا الذي لا ندري نقطة نهايته أين ولا كيف ستكون؟ وهل سننجح في استردادها أم سنكمل وهي منفصلة عنا ونحن عند أنصاف الأشياء؟
لكن أكيد لحظات الحزن والألم يكون الإنسان أقرب فيها لغيره، يدرسه ويتقرب إليه أكثر، ويكون له بمثابة البلسم الذي سيضمد ذاك الجرح الذي ألّم بنفسه، خصوصا إذا أحس به في لحظته تلك.
هي نفس الانسان مَكْمَنُ سعادته واستمراريته، فلو وضعته في قصر من ذهب وهي تنزف فلا حياة لها، وإن داويتها وسقفها السماء ستحي من جديد.
سميا دكالي