( الجزء التاسع)
قالت :
منحتك كلي ، براءتي ، وفائي ، وصدقي ،حتى أُبْقِيَ بعضا منك معي ، لكنك على هواك مرة تدنيني ومرات تبعدني ، كمعطف يدفئك شتاء وفي الصيف تعلقني ، يداهمني من اليأس أسوأه ، فما الذي معك يبقيني ؟
قلت :
إنه هذياني الذي تخطى حدود المدى ، لست بحاجة لقربك حتى أحبك ، ولا لاحتضانك حتى أشعر بك سندا، يكفي أني كنت أصعد لقمة قلبك سحابا فأعود إليك مطرا فنهرا مددا، والله يشهد أني ما رضيت لنا الابتعاد سبيلا أبدا .
قالت :
أما كنت تدعي أننا جسدين في جسد واحد ؟ فلم أوجعتني بالظنون بلا حدود ، وتركتني كمهر جموح يتجاوز كل الحواجز، ماذا أخفي عنك يا ترى ، وكل شيء فيّ باسمك ناطق ، كلي اعتراف بحب كان وسيلة وأنت الغاية ، كنت ضالة وبشعرك عرفت الهداية .
قلت :
ولكن .. ألم تسألي نفسك يوما عن شكل قلبي ، وشكل روحي ، وشكل عقلي ، كلما التهمك حوت البعاد وأطبق فمه ، ثم ضيع القفل ؟
قالت :
كلما عرفت الجواب قلبي يفر مني ، ويطفئ الزمان بريق عيني ، وأسأل نفسي عن السر بين عشقك وبيني ، كلك ازدحامُ تناقضات تشل فكري ، وأنت عندي كل الرجال، وها أنت تمضي كالسنين ، والأحلام تهرب من ليلي .
قلت :
عاجز عن النطق وأنا الآن هش مهشم بلا اختيار، أعلم أن لعنة الندم ستطاردني ليل نهار ، وقد أسلت دموعك ظلما كالأنهار، قد أعود لأبحث عنك بين الديار، كلي خيبة ، مطأطأ الرأس أطلب منك الاعتذار .
الشاعر حميد يعقوبي / المغرب