في مقهي بوسط البلد وعلى ضوء القمر، حيث هنا العشاق يهيمون بكلمات وأشعار، جلست سارحة في خيالها وهي تتنهد، وأنامل أصابعها ترتعش، وأيضا قلبها يرتجف في تعجل واندثار وخصلات شعرها كادت تبتل من العرق، أشعلت سيجارتها في زهق وملل، ووضعت ساقا على ساق، حتى وجهها البشوش أنطفى نوره، والأنين والانتظار قد أحرق أعصابها، وُضعت على المائدة شمعة حمراء، فتحت جريدتها وهي تقرأ لتلهي نفسها، لم يلبث أن أُحضِرت لها شيشة وفنجان قهوة سادة، ألتهمت بعض شفطاطات من القهوة، ونفثت الدخان ثم أسنتشقت الهواء، ربما اللهفة والخوف يمتلكها لما لم يأتي حبيبها التي تنتظره، شعرت أن روحها تنسحب منها.
شكت في ميعادها حتى تيقنت من ساعة الحائط، أما العشاق بدأوا بالأنصراف وعقرب الساعة يسرع في دوارنه، لقد تمت الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وهي في نوبة حزن وبكاء، تساقطت الدموع علي الشموع وانطفأت بعضها، والسماء تعاطفت معها، لقد أعلنت غضبها من دمعاتها، فأمطرت قطرات من الماء علي البيوت والمقاهي، خرجت المسكينة مسرعة إلى الشارع ومعطفها قد تبلل، تبعثرت خطواتها الرقيقة، والشوق الذي حملته في ضلوعها تفتت.
علي باب شقتها رأت رسالة، بكل لهفة قرأتها، وجدت فيها كلمات مؤلمة، حبيبها تخلى عنها وأنهى العلاقة بدون خجل، سقطت أمام الباب من فرط التعب حتى نامت وقد تركت كل أحلامها إلي الأبد، الوداع لمن لايقدر إحساسها.
الاديب رامي زيدان/ مصر