نأتي إلى الحياة ونحن نحلم أن نمسك بتلابيب السعادة، لكن تلك الأخيرة قد لا تطرق كل البيوت، ليس لأنها لم ترغب أن نرتديها، بل ربما نحن الذين ما سمحنا لها بالولوج بسبب عيوب لم نأبه لها، تلك التي غشيت نفوسنا حتى أعمتها فما عادت تبصر سواها ولا شيء غيرها، أما من يحيط بها فلم يعد لهم وجود حتى تفكك ذاك الرباط المتين الذي كان يجمعهم، آلا وهو رباط المحبة الذي لو اتخذته كقنديل، لأنار كل القلوب وضحت بكل نفيس لديها من أجل إدخال السعادة حتى تسعد هي أيضا.
فلا شيء يسعد النفوس لتصفو حياتها معها سوى أن تجد من يحمل عنها عند الحاجة فتكون ملاذا لها وجبرا لخواطرها المكسورة. وقد أحست بها وإن لم تنطق بشفاهها، فلربما عزة نفس ذاك المقهور منعته أن يطلب يد العون وهو في أشد الحاجة إليها ولقد ذكر الله عز وجل في كتابه عن هؤلاء الذين يمنعهم كبرياؤكم لطلب المساعدة وهم محتاجون قال تعالى ” لا يسألون الناس إلحافا” حبذا لو نبصر بقلوبنا ما يجب أن نبصره حتى لا تبيت أنفسا ودموعها على خدها، ولا أحد علم بمصابها سوى من أتى بها إلى الوجود.
ولن نصل إلى ذلك الإحساس ما لم يكن لباسنا القيم السامية، لنسمو جميعا بأنفسنا ويغمرنا الحب والشعور بالغير، حينها لن يعود مكان للأثرة في دواخلنا ولن نجد من يشكو ظلما ولا قلة حيلة.
سميا دكالي