لم يكن سهلا على إيزلا أن ترى أباها والموت قد أخذه منها سيظل ذلك محفورا في ذاكرتها لن تمحيه مرور الأيام ولا الأحداث، إيزلا لم تعاني كثيرا من فقد أمها لأنها ما قضت معها حياتها، ولا عاشت وهي تراها يوما بعد يوم منذ أن فتحت عينيها كما حدث مع أبيها، فهذا الأخير كم سهر الليالي معها وهي مريضة فسقاها حنانَه وحبه، وكم جلس قرب سريرها يحكي لها حكايات شيقة عن الجميلة والوحش وعن اليتيمة سنووايت أكيد لن تنسى ذلك الوجه المشرق المفعم بالحب والحياة.
لقد أحبت أباها إلى حد أنه أصبح يمثل لها كلَّ شي الأمان والأمل والمستقبل، كيف تتحطم كل تلك الأحلام في شهقة واحدة ؟ فيغدو أبوها جثة هامدة لاتتحرك تناديه ولا يجيبها، هي الحياة تظل تخدعنا حين نعتقد أن لاشيء سيأتي ليبعدنا عن من نحب، لكن سرعان ما تفاجأنا بما قد خططته لنا على حين غفلة، فيموت أجمل شيء بداخلنا ومع ذلك نستمر ربما لتحقيق حلما ترعرع مع من افتقدناه يوما.
إيزلا ستواصل الحياة لن يرغبها فيها الآن سوى أن تكمل طريق أبيها في البحث والتنقيب، حتى لا تترك اكتشافات أبيها تموت رغم أنه طلب منها أن تسافر عند أهل أمها سوف تعمل بوصيته، لكنها ستعود حتما لمتابعة ما كاد أن يصل إليه من معلومات مهمة هذا ما ظل يخبرها به دوما، لن تترك أحلامٌه قيد الانتظار ستحررها منه.
نهضت من مكانها وقد قررت أن تصبح شخصا آخر لا يستسلم لليأس بل أن تصبح كأبيها، فما مات من خلف وراءه من يحبه. ليطمئن جيمس في قبره فلن يذهب تعبُه سُدى مادامت إيزلا مصممة على اتباع نهجه، هذا ما رددته في نفسها وكلُّها طموح وأمل بأن يكون الغد أجمل.