تسللت من بين أوراق الشجر أشعة الشمس مخترقة نافذة غرفة إيزلا لتوقظها وتبعث الحياة فيها من جديد، فتملأها نشاطا وحيوية لاستقبال يوم لا تعرف ما يخبئه القدر فيه، نزلت إلى الأسفل لأن المطبخ موجود قرب غرفة أبحاث أبيها الذي وجدته هناك مستغرقا في عمله رفقة الضيوف.
سلمت عليهم ، لتقصد مطبخها وتحضر وجبة الفطور.
انبعثت رائحة القهوة من المطبخ شهية لتخترق المكان، وبسرعة استطاعت أن تعد لهم المائدة تناولوا فطورهم شاكرين اهتمامها، خرج بعدها دانيال لتفقد الجو وجده قد أصبح صحوا بعد أن هدأت العاصفة، فقرر على إثرها العودة إلى بلاده ودع صديقه جيمس ومد يده إلى إيزلا شد على يديها بقوة وكأنه يخبرها أنه لايريد العودة من دونها، لم تلبث أن أبعدتها عنه فأخبرها حينها أن أمله أن يلتقيها مرة أخرى، إلا أنها لم تأبه لكلامه رغم أنها كانت تود لو أطال المكوث أكثر عندهم. لكنها ما رغبت في الإفصاح عن شعورها، تمنت لو سمعت منه أولا لتعرف هل هو أيضا شعر بما شعرت به، فكم حكى لها أبوها عن حبه لأمها وإحساسهما المشترك، وهي أيضا كم قرأت عن الحب في الكتب، وعن المحبين حين يتولد لهما نفس الإحساس في ذات الزمان والمكان.
غادر دانيال ورفيقه البيت باتجاه المكان الذي تركا فيه الطائرة ولم تمر سوى لحظات حتى حلقت في السماء بعيدا عن الجزيرة المعزولة، أما إيزلا فقد ركضت وروكي وراءها باحثة عن صديقتها إيريس، من المؤكد شوقها ازداد إليها كثيرا خصوصا أنها لم تمكث معها البارحة سوى قليلا، بدأت تنادي عليها لتظهر إيرس بسرعة وهي فرحة بإيزلا، لعبتا كالعادة بين الأمواج على الشاطىء إلى أن أخذ منهما التعب كل مأخذ فتركتها إيزلا ترتاح، لتعود إلى البيت وبالها قلق على الغد خوفا أن تفرقها الأيام والظروف على حين غفلة عن صديقتها إيريس.
وما إن دلفت إلى البيت حتى وجدت أباها ممددا على الكنبة في الصالة يبدو عليه الإرهاق، اقتربت إليه طابعة قبلة على جبيه تسأله عن حاله، لم تعهده مستلقيا دون أن يفعل شيئا أخبرها أن دوارا أحس به وهو في مختبر أبحاثه، كادت أن تسقط مغشية عليها فأبوها من بقي لها في هذا العالم الموحش، احتضنته بقوة ودمعة انسابت على خذها تود لو يبقى ملتصقا بها حتى لا يأخذه منها أحد حتى الموت، المسكينة تخاف أن تفقده وتصبح وحيدة، فهي لا تعرف أحدا في هذه الدنيا ولا تدري حتى أين تذهب؟