نهضت إيزلا من فراشها مبكرة وليس في بالها شيء سوى الاطمئنان على حالة إيريس، ذهبت مسرعة دون أن تذوق شيئا من الطعام، لم تلبث أن وصلت إلى الشاطىء ودقاتُ قلبها ماتوقفت من فرط خوفها على إيريس، نادت عليها بأعلى صوتها سرعان ما لبَّت هذه الأخيرة النداء، دون شعور قفزت إيزلا نحوها وعانقتها فرحة باستعادة صحتها وحيويتها والدموع تملأ عينيها.
وبينما هما كذلك إذ رأت إيزلا طائرةَ هيلوكبتر تحلق قريبة منها لم تأبه لها، بل تابعت اللعب مع إيريس مستمتعة معها لقد أصبحت تمثل كل حياتها، كيف لها أن تكمل دونها؟ لقد استطاعت أن تنسيها فقدها لأمها، ما تصورت العيش بعيدة عنها وعن أبيها فلا أحد تعرفه في هذه الأرض، تدري أنها غريبة عن حياة تسمع عنها من أبيها فقط، لكنها أحيانا تتساءل مع نفسها هل سيأتي يوما تتعرف على غريب أم ستظل هكذا؟ وهل سيضفي على حياتها سعادة أكثر أم لا؟ وبينما هي مع أفكارها اللامنتهية اصطدمت فجأة بأحدهم لتوقعه على الماء، لقد كان شخصا غريبا لم تعرف من أين أتى، ولا كيف أوقعته السماء؟
وقفت حينها إيزلا والاستغرابُ باديا على وجهها من ذاك الشخص الذي وجدته في وجهها بغثة، لكنه بدل أن يكلمها بلطف صرخ في وجهها طالبا منها أن تعتذر له، لم تهتم له بل أعرضت عنه تاركة إياه متذمرا.
تبعها وهو يسألها بانفعال عن أحد يدعى جيمس توقفت مستغربة، سألته لماذا يريد أباها ومن أين يعرفه؟ شرح لها أنه يبحث عنه من أجل الابحاث. عرّفته أنها ابنة جيمس، فمد يده إليها محدقا بها ومندهشا من وجودها بمفردها في ذاك المكان الموحش، هي بدورها صافحته وقد شعرت بدقات قلبها تتسارع على غير عادتها، مالمست يوما يداها يد غريب، طلبت منه أن يتبعها إلى البيت وهي صامتة وكأن على رأسها الطير.
قبل ذلك طمأنت إيزلا صديقتها إيريس وأخبرتها أنها ستعود إليها لاحقا حالما توصل الغريب، وصلت إلى الببت دلفت نحو الداخل وهي تنادي على أبيها الذي بدا مستغربا من رجوعها بسرعة، وقد استغرب أكثر حين وجد معها رجلا، قدمته إليه مخبرة أنه يبحث عنه.
نطق الغريب قائلا:
– أُدعى دانيال وقد جئت من أمريكا أبحث عنك، لأني مرسل من طرف شركة الأبحاث العلمية الخاصة بعالم البحار.
أجابه حيمس مرحبا:
– فهمت الموضوع أهلا بك عندنا، لنحتسي أولا كوبا من القهوة فمازلت لم أفتح عيني اعتدت أن أجده معَدًّا، لكن إيزلا لم تكن هنا.
رد عليه الغريب:
– أشكرك على دعوتك سيدي هذا لطفك منك.
جلسوا حول المائدة يتناولون الفطورَ وإيزلا تسترق النظر كل حين وحين لرؤية ملامح ذلك الغريب، لقد بدا لها جدابا لكنها سرعان ما كانت تبعد وجهها خجلا منه. وهو بدوره لم تسلم منه بل كان يحدق فيها دون توقف حتى توردت وجنتاها.