في جزيرة معزولة – الجزء (20) – خالة إيزلا

You are currently viewing في جزيرة معزولة – الجزء (20) – خالة إيزلا
في جزيزة معزولة

مر بعض الوقت فسُمع صوت من الداخل يسأل من الطارق؟ أجاب دانيال معرفا بنفسه وقائلا: أنه أتى رفقةَ ابنة أختها إيزلا.
فتح الحارس الباب لهما واستقبلتهما الخالة مرحبة، والابتسامة تعلو وجهها. لم تنتظر بل أخذت إيزلا في حضنها تقبلها بشوق وتستنشق رائحة أختها التي لم تراها منذ سنين وقد تركت بصمة فقد بداخلها.

ولجا إلى الداخل، شعرت إيزلا حينها بالراحة وببعض الأمان من خالتها فهي بمثابة أمها التي أكيد سوف تغذق عليها ببعض من  الحنان الذي كانت تحتاجه. هو القدر إن كان قد سلبها أمها فيما مضى فالآن منحها قلبَ الخالة لتعوضها ذاك الفقد. طلبت منهما الجلوس في البهو، وأمرت خادمتها أن تحمل حقيبة إيزلا إلى غرفة في الطابق الثاني خصصتها لها. أما إيزلا بدأت تجول بنظرها إلى فناء البيت وهي تحدث نفسها:
كيف سأستطيع العيش في مساحة محدودة وقد كان لي البحر كله؟

أحضرت لهم الخادمة الشاي وقطع من الحلوى. خاض دانيال مع الخالة مواضيع شتى، لم تكن تعيرها إيزلا أي اهتمام. فعقلها مع إيريس كيف تقضي وقتها من دونها، وهل تفكر فيها كما هي الآن؟ حزن وغربة موحشة ملأتا قلبها الصغير لولا كلبها الذي يؤنسها الآن لما صمدت، هو من بقي لها من الجزيرة. أما الخالة فالفرحة بدت واضحة عليها، أخيرا أتى من يؤنس وحدتها بعد رحيل ابنها الوحيد جورج.
بقي معهم دانيال بعض الوقت بعدها استأذن للذهاب إلى بيته، حينها أحست إيزلا ببعض الخوف فهي لا تريده أن يتركها وحيدة ووجوده معها أصبح ضروريا. 

لم تستطع إخفاء ذلك عنه قائلة:
– دانيال هل ستتركني وحيدة؟
أما هو فقد ابتسم وقلبه كاد يطير فرحا مجيبا:
– لا تخافي عزيزتي من المؤكد أني سأتفقدك يوميا، وبيننا الهاتف ولتعلمي أن أباك قبل موته أوصاني عليك.

اطمأنت بعض الشيء المسكينة لكن دمعة انحدرت من عينيها غصبا عنها. اقترب إليها دانيال وضمها إلى صدره، مسح دمعتها بيده هامسا لها أنه أبوها الآن، شعرت إيزلا بالأمان معه وبحرارة لم تعرف سببها حتى ارتعدت كل فرائصها. لم تبتعد منه هذه المرة كما كانت تفعل من قبل، بل ظلت في حضنه وهو كذلك أحس معها بنشوة الحب، التي طالما بحث عنها بين كل الفتيات والنساء اللواتي عرفهن من قبل، إلى أن عثر عليها أخيرا في جزيرة معزولة. فهناك كان ينتظره ذلك الحب ليأتي وإياه تاركا الأيام تسيرهما كيفما شاء لها القدر.

قبّلها على جبينها ودونما قصد التقت شفتاهما بقبلة حارة أنستها آلامها وأحزانها. سافرا إلى عالم كله حب ونقاء، امتزجت فيه أحاسيسهما وروحيهما لتولد روحا واحدة. تمنيّا لو بقيا في ذاك العالم المثالي، لكن الخالة قاطعت قبلتهما. تنحنحت وهي مبتسمة وكأنها تخبرهما بوجودها.

استأذنهما دانيال للذهاب وعيناه على حبيبته، ولسان حاله يقول لها أنه لن يترك نصفه منذ الآن بعد  أن وجده.

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.