أتى يوم آخر وإيزلا تأمل أن يكون أفضل من سابقه الذي ذاقت فيه المرارة، فهي لا تدري ما تخبئه لها الأيامُ القادمة لها أُمْنِيَّةٌ واحدة أن يظل بجانبها أبوها ولا تُبْعِدْه الموتُ عنها. نهضت من فراشها ورتبته لتذهب مباشرة عنده وتطمئنَ عليه، لم تجده في غرفته نزلت السلالمَ بسرعة وكأن أحدا يلاحقها، استغربت حين رأت أباها قد أعد الفطورَ وتناوله على عجل متلهفا للغوص، خافت عليه أن يجازف بحياته، فرجته قائلة:
– أبي لا تذهب الى البحر، مازلت لم تستعد صحتك بالكامل ، أتمنى أن تُعدِل عن فكرة الغوص.
أجابها مطمئنا إياها:
– لا تقلقي علي ابنتي، أنا بخير ولن أكون أفضل إلا في أعماق البحر.
تركها جيمس وحمل معه معدات الغوص ليعانق أمواج البحر فقد اشتاقت روحُه إليها، لا تنتعش إلا بين أحضانها أما إيزلا لم تكن مطمئنة، بدت متوترة ومرتبكة خوفا أن يحدث لأبيها ما لا يحمد عقباه، تناولت القليلَ من الطعام وشربت فنجانَ قهوتها وبالُها مشتت لم تعد تركز ولا استطاعت أن تجعل حدا لتهور أبيها.
نهضت محاولةً طرد تلك الهواجس، وقد قررت أن تذهب هي الأخرى عند صديقتها إيريس علّها تنسى بعض الشيء تلك الآلام التي بدأت تعرف طريقَ قلبها.
وبينما هي تسبح مع إيرس إذ لمحت روكي ينبح من بعيد، توقفت وقد اصفرت ملامحُ وجهها من شدة الهلع، لا تدري ما الذي حدث له حتى لايسكت من نباحه المسترسل، أسرعت باتجاهه لتجد أباها مُلقى على الشاطىء يتنفس ببطىء، لم تنتظر حاولت أن توقفه ففشلت لكن إصرارَها وتشبُّتَها ببقاء أبيها على قيد الحياة زرع فيها قوة، مكّنتها من إيقافه ومساعدته حتى أوصلته لسريره.
لاتدري ماذا أصاب أباها فهي مرتبكة لا أحد تعرفه هنا في تلك الجزيرة المنفية البعيدة عن عالم البشر، أوصلها أخيرا تفكيرها للبحث في الملف والاستغاثة بذاك الذي أتى في المرة السابقة عندهم.