لتلك الأطلال بدأت تحدق بعينيها وكأنها على عتبة النهاية ، أخرجت من صندوق ذكراياتها صورا مهترئة دوما كانت حريصة على أن لا يفتحه أحد ولا يلمسه غيرها، بدأت تتأمل كل صورة بيدها حيث تعيد بذاكرتها إلى كل حدث مر سابقا وقد ترك بصمته.
صوت صفير الرياح بالخارج زلزل المكان وكأنه عزف حزين أعادها هو الآخر للماضي البعيد وكلها حنين وشوق له، استوقفتها صورتها مع زوجها كانا حديثا الزواج فيها، كيف للملامح أن تغدو الآن أطلالا؟ حتى تلك الإبتسامة الممتلئة بالأمل أبادها الزمن لم يتبق شيء منها سوى ذلك البريق المنبعث من العيون، لقد طوقت الأيام بصفحات الماضي وكأنه ما كان يوما.
كانت تجلس على الأريكة تتابع التأمل وبداخلها فراغ يعتصرها أشعرها بغربة موحشة، ولروح غادرتها لتعانقها الحياة بوشاح أسود رغم أنها محاطة بمن ملأ حياتها يوما وسد ذلك الفراغ المقيت، كيف للحال أن يتبدل؟ حتى تحول حياتها من لوحة مزهرة بألوان جميلة إلى أخرى لم يعد محتواها يعرف بعد أن محيت ألوانها .
استدارت نحوه لتسأله وعيناه على الشاشة يتابع مباراته الشيقة وبيده كتاب يقرؤه أحيانا، قالت له:
عن أي موضوع تقرأ ؟
لم يجبها بل تجاهلها وكأنه لم يسمعها، تمنت أن يبوح كل منهما بما تحمله نفسه حتى تشعر بالإنتماء الحقيقي الذي يجب أن يعيشه كل الأزواج، أطرقت رأسها وتابعت استرجاع ذكرياتها، تدارك الأمر وشعر بالحزن يطفو على ملامحها فأجابها قائلا:
اقرأ عن موضوع أعرف أنه لن يعجبك لأنه ليس من المواضيع المحببة إليك .
ردت عليه معقبة:
ألهذا أنت دائما لا تحدثني ليس مهما أن تشاركني الأشياء التي أرغب.
إلا أنه صمت ولم يعرها اهتماما ليكمل مباراته وهي تتألم بسبب تجاهله، فقد كانت تفضل أن تكون بينهما فضفضة حتى لايتسلل الملل إلى قلبها أوتزداد الفجوة والغربة بينهما، شعرت بتفاهة الحياة وهي تتأسف عليها، فقد وجدتها شبة فارغة بجميع تفاصيلها وفي كل زواياها وكأن كل واحد اتخذ لنفسه فلسفته فيها.
نهضت من مكانها مشت خطوات بعدها استدارات لتراه مازال محملقا بالشاشة، أكملت طريقها نحو صديقتها الشرفة لتجلس مع ماضيها فقد وجدت فيها أروع مؤنس لها، ربما الجماد أحيانا قد يعرف ما تحمله بداخلك.
الكاتبة سميا دكالي