زيد … ووسيم

You are currently viewing زيد … ووسيم
زيد ... ووسيم

زيد ووسيم صديقان حميمان، يذهبان معا إلى المدرسة، ويجلسان إلى جانب بعضهما في الصف… زيد، وهو ابن خالة وسيم، ولد مشاكس، يعمل المقالب بالآخرين ويحب اللعب وخاصةً كرة القدم، مرحٌ جدًا، ولكنه مهمل في دروسه وفي الاهتمام بملابسه ومظهره… أما وسيم، فهو تلميذ مجتهد، الأوّل على تلامذة صفّه، هادىء وخجول وكثير الاعتناء بنظافة ملابسه، حتى إنه لا يلعب الكرة مع ابن خالته ورفاقه خشية أن تتّسخ ملابسه!
أنظر إلى ثيابك ويديك المتّسختين، لماذا لا تكون مثل وسيم، أنظر إليه كم هو نظيف وهادىء.
كانت أمّ زيد تقول له حين تراه مع ابن خالته وسيم، ولكنه يضحك ويركض إلى الشارع، يقذف الأحجار بقدميه ساخطا.
أخذت مشاكساته تزداد عنفا، خاصةً مع ابن خالته، وطلب من معلّمته أن تغيّر مكانه في الصف، لم يعد راغبا في الجلوس قرب وسيم… بسمة، التلميذة الجميلة والهادئة، أصبحت رفيقته في المكان، أخذ يكتب اسمها على كلّ ورقةٍ في دفتره أو كتبه محاطا بالورد، ولكنه يرمي ممحاتها أو قلمها بعيدا ويضحك، تكرّرت مشاكساته لها حتى وصلت إلى تمزيق دفترها؛ فشكته إلى المعلّمة. علمت أمّه بما جرى، فازداد غضبها عليه…
لماذا تفعل ذلك؟ هل رأيت وسيم يقوم بأعمال خبيثة مثلك؟
لأنه جبان، وأنا أكرهه.
تكرهه لأنه أحسن منك، متفوّق في دروسه والجميع يحبّه، ليتك تكون مثله…
يركض زيد إلى الشارع، يقذف بالأحجار في كلّ اتجاه.
في حصّة الرسم، قالت المعلّمة:
كل واحد منكم يرسم ما يشاء، أي شيء يحبّه.
وأخذ التلاميذ في الرسم، والمعلّمة تتجوّل بينهم، تنظر إلى رسوماتهم وتهزّ رأسها بإعجاب… نخلة…  كوخ على النهر وبجانبه شجرة… طيور محلّقة وشمسٌ مشرقة… فراشات ملوّنة ترتشف رحيق الأزهار… أطفال يتقاذفون كرةً صغيرة، ولكنها وقفت عند زيد مندهشة…
ما هذا يا زيد…؟

وجه مَن هذا؟ ولماذا رسمت له عينا واحدة وقرنين؟ ومَن هذان الآخران؟
وضع زيد يده على الصورة كي لا ترى المعلّمة ما كتب تحتها، ولكن المعلّمة أخذت كرّاسة الرسم من تحت يده، وقرأت:
” هذا وسيم الجبان، أكرهه “
الوجه الثاني كان لامرأةٍ في عينيها نظرة غاضبة وشعرها منكوش، كتب تحتها،” هذه أمّي، تكرهني “
الوجه الثالث لصبي بعينين تدمعان، كتب تحتها، ” زيد “
في نهاية الحصّة، طلبت المعلّمة من زيد البقاء في الصف بعد أن خرج التلاميذ إلى الساحة، فتحت المعلّمة كرّاسة رسمه، ونظرت طويلا إلى الصورة…
لماذا تكره وسيم وهو ابن خالتك؟
أمّي تحبّه أكثر منّي.
كيف تقول ذلك؟ ليس في الدنيا أعزّ على قلب الأمّ من أولادها.
دائما تقول،” وسيم أحسن منك “
ولماذا تقول ذلك؟
حين ترى وسيم بملابسه النظيفة وحين تعلم انه متفوّق في دروسه.
وتساقطت دموع زيد على خدّيه، رغم محاولته إخفاءها.
وأنت أيضا متفوّق يا زيد، أنت فنّان وترسم أحلى الصور، ثم إنك لاعب كرة قدم ممتاز، وكما سمعت من والدك، فأنت تبني جسورا وبيوتا صغيرة من الطين والخشب في حديقة منزلكم، والدك يفتخر بك ويقول بأنك ستصبح مهندسًا معماريا مشهورا.
ولكنّ أمّي تقول عليّ أن أهتمّ بدروسي أولا بدل هذه ( الخزعبلات ) التي أقوم بها.
بالتأكيد يا زيد، أمّك تتمنّى أن تراك الأحسن وتفتخر بك، إذهب الآن والعب مع رفاقك.
اتصلت المعلّمة بوالدة زيد:
يا أمّ زيد، أرجو أن تأتي في اجتماع المعلّمين وأولياء الطلبة القادم، بدلا من والده.
لماذا؟
هناك أمرٌ مهمّ أريد أن أطلعك عليه.
بخصوص زيد؟ ماذا فعل ثانيةً هذا الشقي الصغير؟
ستعرفين حين تأتين، لا تقلقي لم يفعل شيئا، وأكرّر الرجاء بأن تحضري أنت الاجتماع، أتمنّى عليك أن لا تذكري شيئا عن اتصالي بك لزيد.
في البيت كانت الأم تغلي غضبا، تريد ان تعرف ماذا فعل ابنها، ولماذا ألحّت المعلّمة في طلبها لحضور الاجتماع.

القاصة ليلى المرّاني/ العراق

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.