أصوات تنبعث من كل مكان …من لا مكان …موسيقى هادئة …سمفونية راقية تتماوج نغماتها و رناتها…
بدا الأمر عاديا أول الأمر لكن سرعان ما دبت الحيرة بين الناس و كثرت التساؤلات و التأويلات …بين متفائل و متشائم …بين من هرع للعلم ليفسر الظاهرة ويجد لها من الدعامات وبين من هرع للدين حائرا بين نقمة أو نعمة من السماء …وبين من آثر الصمت و هرع لمنزله موصدا الأبواب و النوافذ …
لم تتوقف الألحان لا ليلا و لا نهارا لعدة أيام و ازدادت الحيرة بين الناس …أقفلت جل المحلات و الأبواب و تضاءلت الحركة وغصت الجوامع بالداعين و المسبحين و المستغفرين و امتلأت الحانات تقرع فيها الكؤوس وتميل فيها الرؤوس منتشية …
نسي الناس العمل و الأكل و الشرب …نسوا الليل و النهار و ركنوا إلى الانتظار …
جذب أحد المارة من الشبان صديقته و راحا يرقصان…
و يرقصان …تعجب الحاضرون و اعتبروا ذلك استهتارا بمصير و عبثا لكن سرعان ما تكاثر الراقصون و الراقصات…سرعان ما تعالت البسمات و الضحكات و القهقهات وعادت الحركة و فتحت الأبواب ببن فرحة و نشوة باللحظة …بالحياة كما هي …كما جاءت …
فلا توقفت هذه الأنغام و لو كانت نقمة أبهجتنا…أفعمت حياتنا…
الكاتب لطفي الستي/ تونس