معنى النفس
وتظل النفس ذاك العالم الغويص الذي يصعب فهمه فهي الجزء الأهم الذي يمثل الإنسان، قد تصفو حياته عند صفاءها أو تتعكر عند تكدرها، فتغدو كبحر عميق لن نحصل على مكنوناته ما لم نغص فيه، كذلك نفس الإنسان فإن لم نتعمق في تحليلها ونغوص فيها لن نستكشف خباياها، تلك التي ما كانت ملموسة يوما ما، بل علينا أن نحسها قصد التقرب إليها، وفهمها حتى يتأتى لنا إصلاح ما بها من اعوجاج إذا أمكن. ولن يكون ذلك إلا باحتوائها.
أسباب تأزم النفس
فتأزم النفس لا يكون المتسبب فيها سوى تلك التراكمات التي عاشتها النفس، جراء أحداث متتالية عبر مراحل حياتها، وقد تُركت دون إيجاد الحلول ليشتد اضطرابها عند نهاية المطاف وتختار طريقا بعيدا عن من تسببوا في إيذائها دون مواجهتها.
ولو أنها وجدت الملاد عندهم لما كانت تلك نهايتها، لكن غياب الإحساس الذي هو أجمل شيء منحه إيانا الله جعل النفوس تعيش فوضى اللاّشعور، فلن نعي الوجود وما حولنا ما لم يكن لدينا شعور، ومن دونه لن نحس بشيء، ولا بمعاناة من يمر بأزمة نفسية، ولا ما يجول بداخله من صراعات وتناقضات التي يظل يتخبط فيها وكأنه وسط بحر وأمواج عاتية تعترضه، يعبرها عبر سفينة وعيناه على من يقودها وأمله أن يصل به إلى بر الأمان.
البحث عن الحلول وتوازن النفس
فحتما إذا لم يجد من يأخذ بيده فسيغرق ولن ينقده إلا ذاك الذي سيغوص في نفسه بعد أن يحس به، ليستكشف سبب وجعه حتى تكدرت نفسه، فحياة النفوس ستظل دوما وأبدا مرتبطة بالإحساس غيابها يعني موتها وهي في الحياة.
وليكتمل توازن النفس يظل استخذام العقل مكملا للإحساس الذي يعمد على توضيح الرؤى التي لم تكن بادية أول الأمر فقط محسوسة فكلاهما لا غنى لهما عن بعض يعتبران من مقومات النفس المتزنة.
فمتى اتبع كل واحد منا ذاك النهج السليم فلن نجد من يعاني أزمة نفسية سواء داخل الأسر أو عند كل من له منصب ويؤدي مهمة اتجاه مجتمعه كيفما كانت طبيعته، المهم أن لايستغل منصبه ليتجرد من الإحساس ويفرض سلطته بالقمع ليخيف الرعية فتفقد تلك الأخيرة حرية التصرف، بل وكبت كل ما هو جميل بداخلها كانت في يوما ما تحلم أن تخرجه للنور.