تَصَحُّر

You are currently viewing تَصَحُّر
تصجر

وقفت أمام المرآة ويداها تتحسسان مكان شعرها الأسود الفاحم المنساب على كتفيها كطرفي شلال هادر، مدت أطراف أصابعها نحو حاجبيها المستلقيين بغنج فوق عينيها العسليتين المشعتين عذوبة و صفاء، تحرسهما أهداب منتصبة في خيلاء على أطراف الجفون المستديرة،
فتململت شفتاها الممتلئتان لترسما ابتسامة نديّة انفرجت عن غمازتين فجرتا على خديها جنان ورود ، فتر ثغرها عن أسنان كالدرر ولمعت أرنبة أنفها الممتلئ كحبة فراولة طرية تنضح بدماء الحياة . تاهت عيناها في ثنايا صورتها التي تبدت أمامها وما انتبهت إلا على صوت زوجها ينبهها لتستعجل حتى لا يفوتها الموعد ، أحست لحظتها بأن صورتها المنحوتة في خيالها قد تكسرت على صخرة المرآة، كمثل جنة خضراء يانعة أتاها أمر الله فأضحت صحراء جرداء قاحلة كأنما لم تحي بالأمس، رفعت بصعوبة يدها النحيفة تلامس بأطراف أصابعها فروة رأسها وقد تساقطت خصلات شعرها كأوراق الخريف ، و تناثرت شعيرات حاجبيها الناعمة كحبات رمل تذروها الرياح،
فتبدّت لها خدودها الصفراء الذابلة، و عيناها الضامرتان في مقلتيهما و قد تخلت عن حراستهما الأهداب و ذبلت من فوقهما الجفون وكأنها تقاطيع قطعة منحوتة من الشمع ، تكاد لا تميز إلا صدى صوت ينبهها :
-هيا يا حبيبتي، ستتأخرين عن العلاج ، فلم يتبق أمامك إلا حصتان.

القاص سليم بوشخاشخ/ المغرب

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.