“تحت ضياء القمر”
الجزء الأول …
في ليلة فيها يزين البدر السماء، و ضوئه يتخلل بين
الأشجار الملتفة الكثيفة، قد كان الأمير الوحيد لمملكة الجبال
عائد من الصيد؛ بسبب بعد المملكة قرر قضاء الليل في أطراف
الغابة للاستراحة …
عندما توسط البدر في منتصف السماء، ذهب الأمير في خفية
عن مرافقيه؛ ليتجول على شاطئ البحيرة التي كانت بمحاذاة
الغابة، و أثناء تجواله رأى على أحد الصخور الكبيرة فتاة في
ربيع عمرها، تتراقص على ضياء القمر، و لباسها الأخضر الفاتح،
و تاجها المصنوع من الورد الجوري بيضاء وصفراء اللون
يزين رأسها، و صوت غنائها الرقيق، و كانت ذبذبات صوتها
الناعمة مختلطة بالمشاعر الدافئة، لدرجة ظن الأمير أنها
من الحوريات الجميلات التي تناقلتها الأساطير…
وقف الأمير خلف أحد الأشجار القريبة، خوفاً من أن تراه،
و تتوقف عن الغناء، عند انتهائها من الغناء والرقص ألتفتت
هي على صوت تصفيق يديه مشجعاً لها، و بعد اطمئنانها
جلس بقربها على تلك الصخرة، و عندما تأمل وجهها رأى
شامة صغيرة على خدها الوردي، كما تقول الأسطورة:
هذه الشامات قطرات حبراً حاولت وصف جمالها فتجمدت
خجلاً، و عينيها التي باللون الأخضر،
قد رأى الأمير في عينيها الحزن و الوحدة و القلق،
و كأنها بحراً تتخبط فيه الأمواج، و شفتيها التي تسكر
العقل كأنها خمراً معتقة …
نصر الله بن جهاد