استيقظتُ اليوم مبكرة على غير عادتي، ربما هو اللاشعور ذكرني بموعد اللقاء حتى لا أنسى، كيف سأنساه وفكري كله منشغلٌ به. نهضت من سريري بسرعة البرق في اتجاه الحمام، غسلت وجهي بسرعة وسرحت شعري، ترجلت إلى الأسفل لأتناول فطوري ودون أن أكمله قصدت دولابي لأبدل ملابسي رغم نداء أمي وعتابها علي. فتحته فوجدت بداخله فساتينًا كثيرة كانت تنتظر مثل ذلك الموعد، مررت عليها كلها إلى أن وقع اختياري على فستاني المفضل، أسود اللون تجمِّله الورود، ارتديته ووضعت مكياجًا خفيفًا وبعدها استخدمتُ عطري كالمعتاد.
بدأت بالنظر إلى نفسي؛ أريد أن أبدو أكثر جمالًا من أي وقت مضى، تمنيت أن تكون ليفيا معي لتخبرني عن جمال مظهري. وفي النهاية اقتنعت باختياري وحملت حقيبتي منتعلة حذاءً ذا كعب متوسط يناسب ما ارتديته.
ودعت أمي وصوفي قاصدة عملي كالعادة إلى أن وصلت إلى مكتبي، ألقيت التحية على زملائي وزميلاتي، بعدها استرسلت في العمل وعقلي شارد في جاك وفي لقائنا الأول كيف سيكون؟
مرت ساعات الصباح بطيئة إلى أن حضرت عندي ليفيا كعادتها لنتاولَ غداءنا، ذهلت لما رأتني في غاية أناقتي ودون أن تسألني أجبتها أنني على موعد مع جاك. فرحت لأجلي وتمنت أن تلتقي هي الأخرى بفارس أحلامها حتى تعيش مثل لحظاتي.
حان وقت خروجنا، رتبت أشيائي بالمكتب وحملت حقيبتي وقبل خروجي ألقيت نظرة على الشرفة، يا إلهي! إنه في المقهى مقابل المبنى، لقد كان ينتظرني. رتّبتُ هندامي كما أعدت تسريحة شعري وأحمر الشفاه، بعدها مررت على ليفيا التي رافقتني إلى أن اصطدمت به في وجهي.
عطره الذي يضعه غمرني قبل أن يصل إلى أن امتلأت عطرًا، قدم يده إلي مصافحًا وابتسامة عريضة على وجهه عرفته بدوري على ليفيا، تكلمنا بعض الوقت ثم ودعتنا صديقتي متمنية لنا أمسية سعيدة.
سرنا في الطريق دون أن ننبس ببنت شفة، فصمتنا كافي ليعبر عن ما تختلج به قلوبنا، قادتنا أقدامنا إلى أحد المقاهي، كنت أرتدي معطفًا نزعه عني ليعلقه على المشجب، ثم جلسنا على طاولة مستديرة ونظراته مركزة عليَّ حتى طفت على وجنتي الحمرة خجلًا.
ألقينا نظرة على القائمة، اخترت أيس كريم بالشكولاتة فطلبها هو أيضًا ربما ليجاملني. تحدثنا في الأمور التي تخصنا في كل شيء وفي اللاشيء حتى نتقرَّب ونعرف طبائع بعضنا أكثر، تشابكت أيدينا دون أن نشعر وبقينا هكذا؛ أحسست بدفء يسري في جسدي وهو ينظر إلي بهيام تمنيت أن لا تمر تلك اللحظات الجميلة، لكن الوقت لا يرحم فقد مر دون أن ندري به.
ذكرته أني قد تأخرت على أمي، لم يعترض فأخذنا أشياءنا وخرجنا من المطعم لنجد المطر يهطل بغزارة. كانت معه مظلة، مشينا ملتصقان ببعضنا حتى أوصلني إلى البيت، أخذني في حضنه ليقربني إليه ثم طبع على شفتاي قبلة طويلة أحسستني أنني امرأة وأنه هو من كنت أبحث عنه، ودعته وأنا ما زلت في حالة انتشاء.
ذهبت تلك الليلة إلى النوم مبكرة لأستعرض كل ما مر في هذا اليوم المميز أكيد سيبقى راسخًا بذاكرتي، جاك لم يعد غريبًا بالنسبة لي هو روحي الآن. أخبرني عن نفسه، عن طفولته، وعن حياته كيف عاشها إلى الآن. هو من أمريكا جاء لقضاء عطلته حتى قادته الصدفة عندي ليحبني ولتتغير حياته.