منذ الوجود والإنسان يبحث عن الأمان كي يحيا دون خوف وبنفس مطمئنة، صحيح قد تعترضه متاعب وتواجهه صعوبات مختلفة ومع ذلك يتحملها من أجل البقاء، لأنه يعلم علم اليقين أن الحياة ما استقرت يوما على حال لتتوه به ويتفاجأ بها كل حين وحين بقدرها المتربص، وهو يحمل عصاه يقوده كيف وأنّى شاء ورغم ذلك يظل يتعارك معها بشتى الوسائل وكله إصرار لصدها من أجل الاستمرار فيها.
أكيد فطرته هي من تجعله متشبث بها رغم قساوتها، فيحيا المسكين فصولها المتقلبة المسخرة حسب مشيئة القدر أو المختارة من طرفه أحيانا، وقد يصطدم ببعض منها وإن لم ترغب نفسه فيها أو لا تستطيع مسايرتها، ليس ذلك لعدم قدرته بل لضعف منه.
فالإنسان مهما بلغت قوته الظاهرية يصبح ضعيفا حين تنكسر نفسه، لتظل دوما في حاجة لمن يرعاها ويفهم خباياها حتى يعيش بأمان وطمأنينة، أما إذا لم يجد من يكون بجانبه فسوف يعيش في متاهة وهو يبحث عن مفتاح لسعادته، فكلما ضاقت نفسه وتألمت إلا وانعكس ذلك على صاحبها وشعر بعدها بغياب الأمان، ولن يغديها ويجعلها متزنة وقادرة على الصمود سوى الحب.
فالحب في هذه الحالة هو بلسم النفس المنكسرة وانتعاشها، به تنتشي الروح وتسمو لتبلغ ذروة الأمان والطمأنينة أو تُسجن داخل سرداب مظلم إن كُسرت، فتموت بعدها ببطء بسبب الفقد، فالحب هو المنقذ مادام يحمل كل معاني الحياة السامية إذ يبلغ المحب به إلى عنان السماء حين يُمنَح له ويعيش صدق المشاعر النقية من كل الشوائب لتغمر قلبه، ويصبح مقبلا على الحياة يملأه الامل ويعشق كل ما في الكون فيتأقلم مع كل الظروف وإن فاقت تحمله، لأنه اكتسب قوة خارقة حصنت نفسه حتى غدا قويا بعد أن شعر بالأمان.
سميا دكالي