بنظرات حزينة بهمسات أمل طويلة في مخيم من المخيمات اللاجئين السوريين بلبنان، تجد الأطفال في سن البراءة ينتظرون يتأملون، علهم يعودون في يوم ما الى وطنهم الحبيب. وطنهم الذي تركوه هربا من الموت لكن ماذا وجدوا سوى البؤس والتعاسة؟ ﻻ ماء وﻻ ضوء وﻻ نار يقتدون لتدفئهم من قسوة برد الشتاء والثلوج ﻻ لباس يستر أجسامهم النحيلة من شدة الجوع.
اه يازمن ما أقساك على تلك الزهور الذابلة! ليتك تسقيهم ولو شربة ماء صافية، ليتك تضيئ لهم خيمتهم، ليتك تشبع بطونهم الخاوية، ليتك تدفئهم من لسعات البرد القارس، ليتك تعيدهم الى بيوتهم من جديد.
آه ما اقساك على قلوب طاهرة ﻻ تعرف ﻻ حقد وﻻ غل ايها الزمن، كن رفيقا بهم كن رؤوفا بتلك الزهور اليانعة، تلك العيون الشاردة تنظر متى يأتي الفرج، ليعودوا إلى البلد الحبيب، آه يا زمن، ما أقساك عليهم، هذا قُصيّ عمره خمس سنوات، يقول: “أتمنى أن أصبح لاعب كرة، كنت ألعب الكرة باستمرار حين كنت في سوريا، أفتقد أصدقائي كثيرًا، وهذا طفل صغير يبدو أنه فقد سيارته الكهربائية التي كان يلعب بها، الحذاء قد يصلح كبديل، لكن عليه أن يصدر صوت المحرك من فمه هذه المرة، كي يصنع أجواء لعب طبيعية ، وهذا محمد طفل لم يكمل بعد عامه الثامن، حروق في وجهه من آثار القصف في حمص التي لا زال يحبها كما يقول، ورغم ذلك محمد يُحيّي كل من يَمرّ عليه بهذه الابتسامة الرائعة. كثير هم من ذاقوا المر مثله، أليس شئ يدمي القلوب؟ أين أنتم يا بشر، أين أنتم والبراءة تعيش في تعاسة؟
منية الفداوي