تلك الليلة لم يزرها النوم كعادتها لينقذها من نفسها فالألم كاد يقطع أحشاءها، ما تركها لترتاح ولو ساعة حتى تنفصل فيها عن الوعي صوت التلفاز أقلق مضجعها هو الآخر، في الجهة الأخرى كان هو يشاهد مقابلة الكرة كعادته تنهدت محاولة أخذ نفس عميق للاسترخاء بحثا عن النوم، أبى تلك الليلة أن يحل ضيفا خفيفا ليحتضنها بعيدا عنها.
أكيد النوم ليس من عادته أن يتخلف عن موعده عنها لولا ذلك الألم المفاجئ الذي أتى فجأة لم ينفع معه أي مهدأ ابتعلت قرصين من الدواء، احتست شرابا ساخنا لعل ما يؤلمها يروح إلى حال سبيله لكنه أبى إلا أن يرافقها، حتى صوت المذيع وهو يشجع فريقا ويهتف باسم لاعب لم تسلم منه، لم تعد تتمنى في تلك اللحظة أي شيء من الحياة ما ترجوه أن لا يخذلها النوم ويتركها تعاني، لقد أدركت قيمته الآن.
شعرت بغربة موحشة تطرق دواخلها هذه الليلة وإن كانت بين أسرتها ربما لأن كل واحد أخذته الحياة حتى ما عاد يسأل عن الآخر، رغم تواجدهم في نفس المكان والزمان، هو هناك غير مبال يركز في المباراة مترقبا فوز فريقه المحبب إليه وتلك التي تتألم لا يهم ربما نفسه تحدثه أنها في الصباح ستكون أفضل وكأنها ما لزمت الفراش.
تأسفت إلى ما وصل إليه الإنسان نهضت من فراشها تجر الألم معها في اتجاه المطبخ أعدت لهم وجبة العشاء وهي تقاوم الوجع غصبا عنها، نادت عليهم ليجتمعوا ربما تدب الحياة من جديد في نفوسهم الميتة ويشعرون بوجودها ويحسون بمعاناة بعضهم البعض، خاب أملها لقد أنهوا طعامهم على عجل ليختلي كل واحد مع نفسه.
عادت إلى سريرها محتمية به ويدها ترتعش باحثة عن مسودتها وقلمها لتسطر وجعها ربما تتنفس شيء ما، لم تشعر إلا وهو يسألها:
ألست مريضة لما تكتبين؟
ابتسمت في وجهه بسخرية قائلة:
لأنها هي من تواسني عند ألمي؟
سألها مستغربا:
من هي؟
أجابته دون أن ترفع نظرها إليه:
هي الكتابة من تخفف عني فما عاد الإحساس يجمعنا ولا باتت الرحمة تسكننا.
اطفأت النور وأغمضت عينيها لقد أتى أخيرا النوم ليأخذها إلى عالم آخر بعدما حررت كلمات من سجن نفسها ظلت تؤرقها لساعات، أتى النوم لينسيها وجعها بل وجع الحياة التي أضحى يعيشها الكل دون أن يعوا بحالهم وقد هجرهم أجمل شيء فُطر معهم آلا وهو الإحساس.
لقد جرفتهم المادة إلى هاوية ربما لن يعرفوا بعدها كيف ينجون بأنفسهم هذا إذا أدركوا إلى أين هم سائرون؟
سميا دكالي