صباح مختلف أجلس في صمت على مقعدي المعتاد، أنظر إلى الفراغ وأنا أحتسي فنجان قهوتي الذي لم يتغير مذاقها، ظلت كما هي، كل شيء تغير حتى أنا، شكلي طالته يد القدر لتنحثه من جديد وما يناسب عمري، كم هي الحياة تأخذ منا دون أن نشعر بها، نظرت من شرفتي، بدا لي صباح هادىء، الناس فيه مازالوا يغطون في النوم رغم الشمس التي أضاءت الكون، ربما قضوا الليل يتقلبون في مضاجعهم بعدما أنهكتهم حرارة الصيف، ضيف يأتيهم كل عام بحرارته، لكن هذا العام أجده مختلفا، لقد فاق توقعي حرارة مفرطة حتى أن الجميع ما عاد يطيقها.
رفعت نظري الى السماء وكأني استنجدها أن تذرف مطرا تأتي بها سحابة تائهة لنجدتنا، سمعت صوت ابنتي تكلمني بتدمر:
– حالا أريد مكيفا، ما عدت أطيق تلك الحرارة.
كلماتها قطعت علي حلمي الجميل، وأنا أعيشه وكأني سابحة رفقة تلك السحابة، ولون السماء الذي أدخل البهجة بين ثنايا قلبي، كم انتظرت صديقتي السحابة لتغمر الثرى وعلى من فيه بزخاتها، لكن تبا صوت ابنتي اخترقني لأجدني أمام واقع يحتم علي أن أنصت إلى حلمها البسيط.
– لا تقلقي سيكون لك ماتريدين، أجبتها.
نعم حلمها بسيط قد يتحقق بشراء مكيف، لكن حلمي سيظل صعبا، لأني بكل بساطة لن تحملني تلك السحابة لأسافر معها وأرى من خلالها ذاك العالم من فوق، عالم كل من فيه مقيد بأجهزة تحركه وتلبي له حاجاته التي لم تستطع لحد الساعة أن تبعد عنه قيظا أو قرا قد يهلكه، نعم لن يقدر على الطبيعة التي ستظل دوما وأبدا أقوى من كل جهاز.
فتحت نافذة غرفتي وتركت باب شرفتي مفتوحا على مصراعيه مستقبلة كل ما تمنحني إياها الطبيعة، أعلم انها لن تؤذيني مادمت أشكر خالقها وأحمده على كل عطاياه.