قضت إيزلا ليلتها بجانب أبيها لم تنم في غرفتها كعادتها، بل باتت تتقلب على الكرسي إلى أن غلبها النعاس رغم مقاومتها له. خوفها أن تفقد أباها جعلها حريصة أن لا تفارقه ازداد تشبتها به أكثر ، لم تشعر إلا حين سمعت إسمها وهو يطلب منها أن تذهب لسريرها حتى ترتاح لكنها رفضت قائلة:
نحن في الصباح الآن أبي ما عاد وقت للنوم.
رد عليها أبوها قائلا:
لم تستريحي ابنتي لقد تحسنت صحتي، أريدك أن ترتاحي ولو قليلا.
أجابته مبتسمة فرحا باستعادة عافيته:
لاعليك أبي أنت راحتي إذا تعافيت، والآن يجب أن أحضر لك فطورا مقويا، لتعود كما كنت فقد اشتقت لحيوية جيمس.
نزلت إلى الأسفل باتجاه المطبخ أعدت له الفطور بسرعة وجلبته إلى أبيها لاتريده أن يتعب نفسَه، حاول النهوض من فراشه لايحب أن يستسلم للمرض، لكنه لم يتمكن مازال يشعر بقليل من الدوار مما جعله يلزم سريرَه بأمر من ابنته.
فكرت إيزلا أن تظل اليوم برفقة أبيها، ذهبت بسرعة إلى إيرس اطمأنت عليها ورجعت جريا إلى البيت حيث جلست بقربه، أما هو فقد قرر أن يسرد لها قصة ظل يخفيها عنها طول الوقت، قصة موت أمها كيف حدثت؟ رغم محاولة إصرارها له دوما على أن يحكيها لها، آن الوقت ليسردها أخيرا.
أصغت إليه بكل جوارحِها وقلبُها يعتصر ألما على فراق أمها التي تركتها طفلة، وهي لم تُكمل ثلاثَ سنوات بعد، أخبرها أن أمها عاشت وهي تحب أشكال الفقمات، كم كانت تعتني بهم وتحرص كل الحرص على أن لا يؤذيها أحد.
وفي يوم من الأيام كان الجو مكفهرا حيث هبت عاصفة قوية، فكان صعب على أي شخص أن يدخل إلى البحر ولو كان أعظم سباح. لكن ليفيا أمها رأت من بعيد إحدى الفقمات وهي تتألم إثر إصابة تعرضت لها، سبحت باتجاهها لتحاول إخراجها إلا أن العاصفة ازدادت والبحر هاج أكثر، ورغم محاولة نداء جيمس عليها لكي تتراجع لم تأبه له، إلى أن ابتلعها اليّم بعد أن تاهت عبر موجة ساخطة وقد امتزجت بعاصفة رعناء.
لم تتماسك إيزلا بدأت بالبكاء أسفا على موت أمها التي ضحت بنفسها من أجل سلامة تلك المخلوقات التي تحيا في البحر، لن تنسى لها تلك التضحية التي تدل على ذاك الإحساس الجميل الذي كانت تحمل في قلبها.