فضيلة الاعتذار

You are currently viewing فضيلة الاعتذار
فضيلة الإعتذار



إن ما يميز الإنسان عن شريعة الغاب، هو أخلاقه وتمثله لمختلف القيم في علاقاته بغيره، داخل المجتمعات البشرية، مما يساعد على أن يعيش الجميع في تعاون وتآلف ووئام . ولعل فضيلة الاعتذار عند الزلل، تعد من أكثر القيم أهمية بالنسبة للإنسان


إن الاعتذار صفة حميدة، يجب أن يتمتع بها كل إنسان، لأنها تعمل على تجديد العلاقات بين الأفراد، وتعزيزها. والاعتذار فن له قواعده ومهاراته الاجتماعية، ونستطيع تعلمها، وهو أسلوب راق، إضافة إلى أنه خلق سامٍ، لا يقدر عليه إلا من كان يملك علماً وأدباً وذوقاً سليماً وفكراً سديداً. فليس من السهل القيام به، سواء كان الشخص المتضرر قريباً أم بعيداً. ذلك أن بعضهم قد يدركون أخطأهم لكنهم لايجدون الشجاعة لتقديم الاعتذار، وبعضهم يخافون أن يرفض اعتذارهم، اما أسوأهم فذلك الذي لا يستطيع أن يبصر خطأه، ولا يقدر حتى على الاعتراف به. إنّ الانسان محكوم بالخطأ طوال مسيرة حياته، وليس هذا عيبا ولا نقصا، فهو أمر إلهي ليس له دخل فيه، ولكنه ينقلب إلى عمل شيطاني، إذا ما تم تبريره. وطبعا قإن الهروب منه يولد الحقد والكره في القلوب، فيطل الشنآن برأسه مرة أخرى، في أي لحظة يستثار فيها الإنسان وتستفز مشاعره.


ويعتقد الكثير من الناس أن الاعتذار سمة من سمات الشخصية الضعيفة، وأن الأشخاص ضعيفو الشخصية هم فقط من يقدمون على الاعتذار. وبالتأكيد إن هذا مفهوم خاطئ، فالإنسان القوي هو من باستطاعته أن يبادر ليتأسف عما ارتكبه من أخطاء أفعالا وأقوالا. والحقيقة أن ضعاف الشخصية والنفوس، هم الذين تأخذهم العزة بالإثم، ويتهربون من الاعتذار عن الأخطاء التي يرتكبونها، بشتى المبررات الواهية.


من المؤسف أن هناك فجوة تحول بين الكثير منا وبين الاعتذار، وكأن هذه الصفة لا تناسبنا، أو أن عليها علامات استفهام استنكارية، لهذا لا نعلمها لأجيالنا، ولا نجعلها عادة في حياتنا. فالإنسان كثير الأخطاء، ومن الوارد جداً أن يرتكب خطأ بحق أي إنسان آخر، وساعتها يلجأ إلى الاعتذار لإصلاح الأمور، التي ساءت جراء فعلته وما ارتكبته يداه. ومن المؤسف أيضا، أن كثيراً منا يعلمون أولادهم منذ الصغر، المكابرة على الخطأ، والالتفاف حول الموضوع بكافة السبل، دون اللجوء إلى اعتذار، كحل سريع يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
إن البشرية لا يمكن استقامة حياتها وأمورها، إلا بالتشبث بمختلف القيم النبيلة، وفي مقدمتها فضيلة الاعتذار. ذلك أن الإنسانية مقبلة، كما يبدو في الأفاق، على ما يشبه مقولة البقاء للأصلح، ومن صلاح الأمة اعتماد القيم النبيلة المختلفة، ودعمها وتطويرها، من مثل التسامح والعفو عند المقدرة وما أشبه، ولعل ما سيساعد الإنسانية على الابتعاد عن قانون الغاب، هو قيمة الاعتراف بالآخر، وانتشار عادة الاعتذار بين الأفراد والجماعات والشعوب.


أمينة بنونة

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.