اليتيمة – الجزء (11)- قلق ماريا

You are currently viewing اليتيمة – الجزء (11)- قلق ماريا
اليتيمة سنوهويت

استيقظتُ وأنا لست بخير، أشعر أن شيئًا ينقصني، لن أرى جاك مجددًا ولن ينتظرني عند خروجي من العمل، هي الحياة دائمًا هكذا، الأشياء الجميلة  فيها تمرُّ بسرعة لنظل نعيش على ذكراها ونحن نتحسر عليها، لم أكن أتصور أنني سأحب بسرعة وأن أرفع أعلام هزيمتي أمامه.

جاك وعدني أن يتصل بي كل ليلة، هذا ما أخبرني به عند وداعه، ذهبت إلى عملي وبالي مشتت من كثرة التفكير، كيف لذلك الحب أن يأتي ليطرق بابي دون استئذان حتى يقلب حياتي رأسًا على عقب!

أين هي تلقائيتي ومرحي وحيويتي؟ فأنا لست أنا، كم كنت مولعة بشراء الملابس والتنقُّل بين المتاجر لمعرفة آخر صيحات الموضة الآن لم تعد لي رغبة، لقد تغيرت حتى استسلم كبريائي بخنوعٍ لذلك الحب.

وصلت إلى مكتبي فوجدت ملفاتٍ ليست بالهينة تنتظرني لأني البارحة كنت مع جاك، يتوجب علي إنجازها الآن بسرعة حتى لا يُسمعني المدير ما لا يحمد عقباه، انغمست في العمل هروبًا من نفسي لم أنتبه إلا وليفيا تناديني باسمي.

ما بك حبيبتي ألم تشعري بالجوع بعد؟ أحضرت لك السندويتش الذي تحبينه.

أشكرك ليفيا سآكل معك عندما أنتهي، لم يبق لي كثيرًا.

 سنو وايت.. لقد تغيرت حبيبتي، أين هي ابتسامتك التي لم تكن تفارقك؟ أرجو أن لا يؤثر فيك رحيل جاك فهو سيعود حتمًا.

ليفيا عندما تحبين سوف تعرفين ألم الفراق إنه صعب، وكأن جزءًا منك يؤخذ غصبًا وكأن روحك تسلب منك.

إذا كان الحب سيفعل بي كل ذلك، فلن أخوض تلك التجربة لست حمقاء؟

أنهيت عملي بعد تعب، فقد كان يومي متعبًا ثم حملت حقيبتي استعدادًا للخروج، ودون شعور توجهت إلى الشرفة لأرى المكان الذي كان يقف فيه جاك، كم أن الحياة ظالمة! كيف للأشخاص أن يتركوننا ولا يأخذون معهم كل ما يذكرنا بهم، تمنيت أن يختفي ذلك المكان الذي كان ينتظرني فيه فحينها ربما قد أنسى بعض الشيء ولن أعاني أكثر.

قصدت ليفيا حتى نذهب سويًا، حاولت المسكينة بشتى الطرق أن تجعلني أضحك لكنها لم تفلح، حتى الطرق لم تعد تروق لي كنت أستشعر جمالها وأنا مع جاك، كل شيء تغير وصلت إلى البيت منهكة كثيرًا، ارتميت على أريكة بقرب أمي فقد مرَّ كثير من الوقت لم أحدثها وأتقرب إليها.

عاتبتني على تقصيري هذه الأيام في الاعتناء بصحتي، فما كان علي إلا إني وعدتها بأن أهتم وأعود كما كنت، أخذنا وجبة العشاء سويًا رفقة صوفي وبسرعة أنهيت طعامي فلم تكن لدي شهية الأكل، لقد كنت متشوقة لمكالمة من جاك وعدني بها وأنا أنتظرها بفارغ الصبر.

صعدت إلى غرفتي بدلت ملابسي واستلقيت على فراشي وكلي لهفة أن أسمع صوته ولو من بعيد، نعم أن يرن الهاتف الآن، ليس لي صبر على الانتظار لكنه لم يتصل، مرت ساعة بل ساعات لم أنم وهو لم يهاتفني. كان قد ترك لي رقمًا حاولت الاتصال به لكن دون جدوى لم يجب أحدٌ، كيف لأخباره أن تنقطع عني مرة واحدة!

بدأت الشكوك تساورني، لم أكن أتصور أنه لن يكلمني حال وصوله، لم يغمض لي جفن تلك الليلة، أخذت صورة أبي لأخبره عن قلقي ودمعي على خذي يسيل، تمنيت لو لم ألتقِه حتى لا أقع في حب غريب حياته غامضة.

نمت دون أن أدري بنفسي إلى أن رن الهاتف قفزت مذعورة من سريري وأنا سأطير من الفرح، لم تدم سعادتي إلا لحظات قليلة لم يكن سوى المنبه، لم أتذكر متى نمت البارحة. المهم نهضت من فراشي بخطًى متثاقلة وأنا ألعن المنبه والحب.

قبلت صوفي وهي تعد الفطور كالعادة، التفتت إلي وقد شعرت بما أحمله في صدري، ضمتني إلى حضنها الدافئ قائلة:

حبيبتي سنو وايت لا تحزني كثيرًا سوف يكلمك إذا كان يحبك فعلًا.

ولكن هو وعدني أن يهاتفني عندما يصل، لقد كذب علي وأنا وثقت به.

الغائب لديه عذره، حاولي تجاهل الأمر فسوف تؤذين نفسك كثيرًا.

حاضر خالتي سأحاول أن أشغل نفسي بالعمل والخروج مع ليفيا وإن كنت متأكدة أنه لن يهدأ لي بال حتى يتصل.

المهم حبيبتي تناولي فطورك جيدًا حتى لا تفقدي وزنك فصحتك أولى.

حاضر خالتي الحنونة أين هي ماما؟

أنا هنا.. أخيرًا تذكرت أن لك أمًا، أسرعي حتى لا تتأخري عن عملك.

سامحيني ماما، فأنت تعرفين من السبب. أعدك سأعود كما كنت طفلتك المرحة المحبوبة.

تناولنا مع بعضنا الفطور ونحن نثرثر محاولة لخلق جو من المرح والضحك حتى أتجاهل كل ما يؤلمني، قبلتُ أمي وصوفي لأسرع إلى العمل وكلي أمل أن أسمع خبرًا عن جاك فينسيني حزني الذي بدأ يبحث له عن مكان في قلبي حتى يستقر فيه.

خوفي من المجهول بدأ يجتاحني، لا أريد أن أسمع شيئًا يحبط آمالي التي رسمتها أنا وجاك ونحن على شاطئ البحر، كتبناها أحرفًا على الرمال. صحيح أخذتها الأمواج لكن أصداف البحر تحتفظ بآثار أحرفها في أعماقها بعد أن أحكمت عليها الإغلاق.

 

سميا دكالي

أقدم بين يدي كل عابر على صفحتي عصارة إحساسي مترجمة أحداثا قد أكون عشت بعضا منها. وأخرى صادفتها عند غيري, اتمنى ان تنال إعجابكم وسيكون لي شرف من سيتابع كتاباتي.

اترك تعليقاً